كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر قيس بن ذريح ونسبه وأخباره

صفحة 129 - الجزء 9

  صوت

  بتّ والهمّ يا لبينى ضجيعي ... وجرت مذ نأيت عنّي دموعي

  وتنفّست إذ ذكرتك حتى ... زالت اليوم عن فؤادي ضلوعي

  / أتناساك كي يريغ⁣(⁣١) فؤادي ... ثم يشتدّ عند ذاك ولوعي

  يا لبينى فدتك نفسي وأهلي ... هل لدهر مضى لنا من رجوع

  غنّت في البيتين الأوّلين شارية خفيف رمل بالوسطى. وغنّى فيهما حسين بن محرز ثاني ثقيل، هكذا ذكر الهشاميّ؛ وقد قيل إنه لهاشم بن سليمان.

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال قال الزّبير بن بكَّار حدّثني عبد الجبّار بن سعيد المساحقيّ عن محمد بن معن الغفاريّ عن أبيه عن عجوز لهم يقال حمّادة بنت أبي مسافر قالت:

  جاورت آل ذريح بقطيع لي فيه الرّائمة⁣(⁣٢) وذات البوّ والحائل والمتبع. قالت: فكان قيس بن ذريح إلى شرف⁣(⁣٣) في ذلك القطيع ينظر إلى ما يلقين فيتعجّب. فقلَّما لبث حتى عزم عليه أبوه بطلاق لبنى فكاد يموت، ثم آلى أبوه لئن أقامت لا يساكن قيسا. فظعنت فقال:

  أيا كبدا طارت صدوعا نوافذا ... ويا حسرتا ماذا تغلغل في القلب

  فأقسم ما عمش العيون شوارف⁣(⁣٤) ... روائم بوّ حائمات على سقب⁣(⁣٥)

  تشمّمنه لو يستطعن ارتشفنه ... إذا سفنه يزددن نكبا على نكب⁣(⁣٦)

  رئمن فما تنحاش منهنّ شارف ... وحالفن⁣(⁣٧) حبسا في المحول وفي الجدب

  / بأوجد منّي يوم ولَّت حمولها ... وقد طلعت أولى الرّكاب من النّقب

  وكلّ ملمّات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هيّنة الخطب

  / أخبرني عمّي قال حدّثني الكرانيّ قال سمعت ابن عائشة يقول: قال إسحاق بن الفضل الهاشميّ: لم يقل الناس في هذا المعنى مثل قول قيس بن ذريح:

  وكلّ مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هيّنة الخطب

  قال وقال ابن النطَّاح قال أبو دعامة:


(١) كذا في «تجريد الأغاني»: ويريغ: يحيد. وفي الأصول: «يريع» بالعين المهملة وهو تصحيف.

(٢) الرائمة: العاطفة على غير ولدها. والبوّ: جلد الحوار يحشى تماما أو تبنا أو غيرهما فيقرب من أم الفصيل فتعطف عليه فتدرّ.

والحائل: الناقة التي لا تحمل. والمتبع: التي يتبعها ولدها.

(٣) الشرف: المكان العالي.

(٤) الشوارف: جمع شارفة وهي الناقة المسنّة.

(٥) السقب: ولد الناقة.

(٦) ساف الشيء: شمه. والنكب (محركة وقد سكنت لضرورة الشعر): ظلع البعير، وقيل: داء يأخذ الإبل في مناكبها تظلع منه وتمشي منحرفة.

(٧) كذا في «تجريد الأغاني»: وفي الأصول: «وحاولن» وهو تحريف.