ذكر قيس بن ذريح ونسبه وأخباره
  فمن يردّ روحي إليّ! وهل لي سبيل إلى لبنى بعد الطلاق؟! وكلَّما قرّع نفسه وأنّبها بلون من التقريع والتأنيب بكى أحرّ بكاء وألصق خدّه بالأرض ووضعه على آثارها ثم قال:
  صوت
  /
  ويلي وعولي ومالي حين تفلتني ... من بعد ما أحرزت كفّي بها الظَّفرا
  قد قال قلبي لطرفي وهو يعذله ... هذا جزاؤك منّي فاكدم الحجرا
  قد كنت أنهاك عنها لو تطاوعني ... فاصبر فما لك فيها أجر من صبرا
  غنّاه الغريض خفيف ثقيل أوّل بالوسطى عن عمرو. وفيه لإبراهيم ثقيل أوّل بالوسطى عن حبش. وفي الثالث والأوّل خفيف رمل يقال إنه لابن الهربذ.
  قالوا وقال أيضا:
  بانت لبينى فأنت اليوم متبول ... والرأي عندك بعد الحزم مخبول
  أستودع اللَّه لبنى إذ تفارقني ... بالرغم منّي وقول الشيخ مفعول
  وقد أراني بلبنى حقّ مقتنع ... والشمل مجتمع والحبل موصول
  قال خالد بن كلثوم وقال:
  ألا ليت لبنى في خلاء تزورني ... فأشكو إليها لوعتي ثم ترجع
  صحا كلّ ذي لبّ وكلّ متيّم ... وقلبي بلبنى ما حييت مروّع
  فيامن لقلب ما يفيق من الهوى ... ويا من لعين بالصّبابة تدمع
  قالوا وقال في ليلته تلك:
  قد قلت للقلب لا لبناك فاعترف ... واقض اللَّبانة ما قضّيت وانصرف
  قد كنت أحلف جهدا لا أفارقها ... أفّ لكثرة ذاك القيل والحلف
  حتى تكنّفني الواشون فاقتلتت(١) ... لا تأمنن أبدا من غشّ مكتنف
  هيهات هيهات قد أمست مجاورة ... أهل العقيق وأمسينا على سرف
  / - قال: وسرف على ستة أميال(٢) من مكة. والعقيق: واد باليمامة -
  حيّ يمانون والبطحاء منزلنا ... هذا لعمرك شمل غير مؤتلف
  من شعره في لبنى وقد سنحت له ظبية:
  قالوا: فلمّا أصبح خرج متوجّها نحو الطريق الذي سلكته يتنسّم روائحها، فسنحت له ظبية فقصدها فهربت منه فقال:
(١) افتلتت: أخذت بغتة.
(٢) كذا في «معجم ما استعجم» للبكري: وفي الأصول: «أيام» وهو تحريف من النساخ.