ذكر قيس بن ذريح ونسبه وأخباره
  وأخلفتك منى قد كنت تأملها ... فأصبح القلب بعد البين حيرانا
  اللَّه يدري وما يدري به أحد ... ماذا أجمجم من ذاكراك أحيانا
  / يا أكمل الناس من قرن إلى قدم ... وأحسن الناس ذا ثوب وعريانا
  نعم الضّجيع بعيد النوم تجلبه ... إليك ممتلئا نوما ويقظانا
  / للغريض في هذه الأبيات ثاني ثقيل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق وعمرو. وذكر الهشاميّ أنّ فيه لابن محرز ثاني ثقيل آخر. وقال أحمد بن عبيد: فيه لحنان ليحيى المكَّيّ وعلَّويه. وتمام هذه القصيدة:
  لا بارك اللَّه فيمن كان يحسبكم ... إلَّا على العهد حتى كان ما كانا
  حتى استفقت أخيرا بعد ما نكحت ... كأنما كان ذاك القلب حيرانا
  قد زراني طيفكم ليلا فأرّقني ... فبتّ للشوق أذري الدمع تهتانا
  إن تصرمي الحبل أو تمسي مفارقة ... فالدهر يحدث للإنسان ألوانا
  وما أرى مثلكم في الناس من بشر ... فقد رأيت به حيّا ونسوانا
  شكاه أبوها إلى معاوية فأهدر دمه، وشعره في ذلك:
  وقال ابن قتيبة في خبره عن الهيثم بن عديّ، ورواه عمر بن شبّة أيضا: أن أبا لبنى شخص إلى معاوية فشكا إليه قيسا وتعرّضه لابنته بعد طلاقه إيّاها. فكتب معاوية إلى مروان أو سعيد بن العاص يهدر دمه إن ألمّ بها وأن يشتدّ في ذلك. فكتب مروان أو سعيد في ذلك إلى صاحب الماء الذي ينزله أبو لبنى كتابا وكيدا، ووجّهت لبنى رسولا قاصدا إلى قيس تعلمه ما جرى وتحذّره. وبلغ أباه الخبر فعاتبه وتجهّمه وقال له: انتهى بك الأمر إلى أن يهدر السلطان دمك! فقال:
  صوت
  فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها ... مقالة واش أو وعيد أمير
  فلن يمنعوا عينيّ من دائم البكا ... ولن يذهبوا ما قد أجنّ ضميري
  إلى اللَّه أشكو ما ألاقي من الهوى ... ومن حرق تعتادني وزفير
  ومن حرق(١) للحبّ في باطن الحشى ... وليل طويل الحزن غير قصير
  / سأبكي على نفسي بعين غزيرة ... بكاء حزين في الوثاق أسير
  وكنّا جميعا قبل أن يظهر الهوى ... بأنعم حالي غبطة وسرور
  فما برح الواشون حتى بدت لهم ... بطون الهوى مقلوبة لظهور
  لقد كنت حسب النفس لو دام وصلنا ... ولكنّما الدنيا متاع غرور
  - هكذا في هذا الخبر أن الشعر لقيس بن ذريح. وذكر الزّبير بن بكَّار أنه لجدّه عبد اللَّه بن مصعب - غنّى يزيد حوراء
(١) الحرق بالتحريك: النار، ويحتمل أن تكون حرق بضم أوله جمع حرقة.