ذكر قيس بن ذريح ونسبه وأخباره
  في الأوّل والثاني والسادس والثالث من هذه الأبيات خفيف رمل بالوسطى. وغنّى إبراهيم في الأوّل والثاني لحنا من كتابه غير مجنّس. وذكر حبش أنّ فيهما لإسحاق خفيف ثقيل بالوسطى. وفي الخامس وما بعده لعريب ثقيل أوّل ابتداؤه نشيد. وقال ابن الكلبيّ في خبره: قال قيس في إهدار معاوية دمه إن زارها:
  إن تك لبنى قد أتى دون قربها ... حجاب منيع ما إليه سبيل
  فإنّ نسيم الجوّ يجمع بيننا ... ونبصر قرن الشمس حين تزول
  / وأرواحنا بالَّيل في الحيّ تلتقي ... ونعلم أنّا بالنهار نقيل
  وتجمعنا الأرض القرار وفوقنا ... سماء نرى فيها النجوم تجول
  إلى أن يعود الدهر سلما وتنقضي ... تراث بغاها عندنا وذحول
  شعره فيما حين صادفها في موسم الحج:
  ومما وجد في كتاب لابن النطَّاح قال العتبيّ حدّثني أبي قال: حجّ قيس بن ذريح، واتّفق أن حجّت لبنى في تلك السنة، فرآها ومعها امرأة من قومها، فدهش وبقي واقفا مكانه ومضت لسبيلها. ثم أرسلت إليه بالمرأة تبلغه السلام وتسأله عن خبره؛ فألفته جالسا وحده ينشد ويبكي:
  ويوم منّى أعرضت عنّي فلم أقل ... بحاجة(١) نفس عند لبنى مقالها
  / وفي اليأس للنفس المريضة راحة ... إذا النفس رامت خطَّة لا تنالها
  فدخلت خباءه وجعلت تحدّثه عن لبنى ويحدّثها عن نفسه مليّا، ولم تعلمه أنّ لبنى أرسلتها إليه. فسألها أن تبلغها عنه السلام، فامتنعت عليه؛ فأنشأ يقول:
  إذا طلعت شمس النهار فسلَّمي ... فآية تسليمي عليك طلوعها
  بعشر تحيّات إذا الشمس أشرقت ... وعشر إذا اصفرّت وحان رجوعها
  ولو أبلغتها جارة قولي أسلمي ... بكت جزعا وارفضّ منها دموعها
  وبان الذي تخفي من الوجد في الحشى ... إذا جاءها عنّي حديث يروعها
  - غنّى في البيتين الأوّلين علَّويه خفيف رمل بالوسطى - قال: وقضى الناس حجّهم وانصرفوا. فمرض قيس في طريقه مرضا شديدا أشفى منه على الموت، فلم يأته رسولها عائدا لأن قومها رأوه وعلموا به؛ فقال:
  ألبنى لقد جلَّت عليك مصيبتي ... غداة غد إذ حلّ ما أتوقّع
  تمنّينني نيلا وتلوينني به(٢) ... فنفسي شوقا كلّ يوم تقطَّع
  وقلبك قطَّ ما يلين لما يرى ... فواكبدي قد طال هذا التضرّع
  ألومك في شأني وأنت مليمة ... لعمري وأجفى للمحبّ وأقطع
(١) كذا في «تجريد الأغاني». وفي الأصول: «لحاجة نفس» باللام.
(٢) كذا في ج و «تجريد الأغاني» و «تزيين الأسواق». وفي سائر الأصول «وتلوينني قلى».