ذكر قيس بن ذريح ونسبه وأخباره
  صوت
  أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... وأنت عليها بالملا أنت أقدر
  فإن تكن الدنيا بلبنى تقلَّبت ... عليّ فللدنيا بطون وأظهر
  لقد كان فيها للأمانة موضع ... وللكفّ مرتاد وللعين منظر
  وللحائم العطشان ريّ بريقها ... وللمرح المختال خمر ومسكر
  كأنّي لها أرجوحة بين أحبل ... إذا ذكرة منها على القلب تخطر
  للغريض في البيتين الأوّلين ثقيل أوّل بالوسطى عن عمرو والهشامي وفيهما لعريب رمل. ولشارية خفيف رمل من رواية أبي العبيس.
  / أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عبد الملك بن عبد العزيز قال:
  تزوّج رجل من أهل المدينة يقال له أبو درّة امرأة كانت قبله عند رجل آخر من أهل المدينة يقال له أبو بطينة؛ فلقيه زوجها الأوّل فضربه ضربة شلَّت يده منها. فلقيه أبو السائب المخزومي فقال له: يا أبا درّة! أضربك أبو بطينة في زوجته؟ قال: نعم. قال: أما إني أشهد أنها ليست كما قال قيس بن ذريح في زوجته لبنى:
  لقد كان فيها للأمانة موضع ... وللكفّ مرتاد وللعين منظر
  وللحائم العطشان ريّ بريقها ... وللمرح المختال خمر ومسكر
  قال: وكانت زوجة أبي درّة هذه سوداء كأنها خنفساء.
  مرضه بعد هذه الحادثة:
  قال: وعاد إلى قومه بعد رؤيته إيّاها وقد أنكر نفسه وأسف ولحقه أمر عظيم؛ فأنكروه وسألوه عن حاله فلم يخبرهم، ومرض مرضا شديدا أشرف منه على الموت. فدخل إليه إبوه ورجال قومه فكلَّموه وعاتبوه وناشدوه اللَّه.
  فقال: ويحكم! أتروني أمرضت نفسي أو وجدت لها سلوة بعد اليأس فاخترت الهمّ والبلاء، أو لي في ذلك صنع! هذا ما اختاره لي أبواي وقتلاني به. / فجعل أبوه يبكي ويدعو به بالفرج والسّلوة. فقال قيس:
  لقد عذّبتني يا حبّ لبنى ... فقع إمّا بموت أو حياة
  فإنّ الموت أروح من حياة ... تدوم على التباعد والشّتات
  وقال الأقربون تعزّ عنها ... فقلت لهم إذا حانت وفاتي
  دست إليه رسولا يسأله لم تزوّج حتى تزوّجت هي:
  قال: ودسّت إليه لبنى بعد خروجه رسولا وقالت له: استنشده، فإن سألك عن سبتك فانتسب له خزاعيّا؛ فإذا أنشدك فقل له: لم تزوّجت بعدها حتى أجابت / إلى أن تتزوّج بعدك؟ واحفظ ما يقول لك حتى تردّه عليّ. فأتاه الرسول فسلَّم وانتسب خزاعيا، وذكر أنه من أهل الشام واستنشده؛ فأنشده قوله:
  فأقسم ما عمش العيون شوارف ... روائم بوّ حانيات على سقب