ذكر قيس بن ذريح ونسبه وأخباره
  فما أنت إذ بانت لبينى بهاجع ... إذا ما اطمأنّت بالنّيام المضاجع
  صوت
  أقضّي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهمّ بالليل جامع
  نهاري نهار الناس حتى إذا دجا(١) ... لي الليل هزّتني إليك المضاجع
  لقد رسخت في القلب منك مودّة ... كما رسخت في الراحتين الأصابع
  / أحال عليّ الهمّ من كلّ جانب ... ودامت فلم تبرح عليّ الفواجع
  ألا إنّما أبكي لما هو واقع ... فهل جزعي من وشك ذلك نافع
  وقد كنت أبكي والنّوى مطمئنّة ... بنا وبكم من علم ما البين صانع
  وأهجركم هجر البغيض وحبّكم ... على كبدي منه كلوم(٢) صوادع
  وأعمد للأرض التي لا أريدها ... لترجعني يوما إليك الرواجع
  وأشفق من هجرانكم وتروعني ... مخافة وشك البين والشّمل جامع
  فما كلّ ما منّتك نفسك خاليا ... تلاقي ولا كلّ الهوى أنت تابع
  لعمري لمن أمسى ولبنى ضجيعه ... من الناس ما اختيرت عليه المضاجع
  فتلك لبينى قد تراخى مزارها ... وتلك نواها غربة ما تطاوع(٣)
  وليس لأمر حاول اللَّه جمعه ... مشتّ ولا ما فرّق اللَّه جامع
  فلا تبكين في إثر لبنى ندامة ... وقد نزعتها من يديك النوازع
  غنّى الغريض في الثالث والرابع والأوّل والعشرين وهو «لعمري لمن أمسى ولبنى ضجيعه» ثقيلا أوّل بالسبّابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وغنّى إبراهيم الموصليّ في العاشر وهو: «أقضّي نهاري بالحديث وبالمنى» والحادي عشر والثاني عشر رملا بالوسطى عن عمرو. وقد قيل: إن ثلاثة أبيات من هذه وهي: «أقضّي نهاري بالحديث وبالمنى» [والبيتان اللذان بعده(٤)] لابن الدّمينة الخثعميّ؛ وهو الصحيح؛ وإنما أدخلها الناس من هذه الأبيات لتشابهها.
  مصير قيس ولبنى وهل ماتا زوجين أو مفترقين:
  وقد اختلف في آخر أمر قيس ولبنى؛ فذكر أكثر الرّواة أنهما ماتا على افتراقهما، فمنهم من قال: إنه مات قبلها وبلغها ذلك فماتت أسفا عليه. ومنهم من قال: بل ماتت قبله ومات بعدها أسفا عليها، وممن ذكر ذلك
(١) في الأصول: «بدا».
(٢) كذا في «الأمالي» وفي الأصول: «شؤون».
(٣) رواية «الأمالي»:
ألا تلك لبنى قد تراخى مزارها ... وللبين غم ما يزال ينازع
(٤) زيادة يقتضيها السياق. (راجع «الأغاني» ج ١٥ ص ١٥٤ طبع بولاق).