كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

- صوت من مدن معبد في شعر عنترة

صفحة 150 - الجزء 9

  اليوسفيّ عن عليّ بن صالح المصلَّى؛ قال قال لي أبو عمرو المدنيّ:

  ماتت لبنى، فخرج قيس ومعه جماعة من أهله فوقف على قبرها فقال:

  ماتت لبينى فموتها موتي ... هل تنفعن حسرتي على الفوت

  وسوف أبكي بكاء مكتئب ... قضى حياة وجدا على ميت

  ثم أكبّ على القبر يبكي حتى أغمي عليه؛ فرفعه أهله إلى منزله وهو لا يعقل، فلم يزل عليلا لا يفيق ولا يجيب مكلَّما ثلاثا حتى مات فدفن إلى جنبها.

  وذكر القحذميّ وابن عائشة / وخالد بن جمل أن ابن أبي عتيق صار إلى الحسن والحسين ابني عليّ بن أبي طالب وعبد اللَّه بن جعفر ¤ وجماعة من قريش، فقال لهم: إن لي حاجة إلى رجل أخشى أن يردّني فيها، وإني أستعين بجاهكم وأموالكم فيها عليه. قالوا: ذلك لك مبتذل منّا. فاجتمعوا ليوم وعدهم فيه، فمضى بهم إلى زوج لبنى. فلمّا رآهم أعظم مصيرهم إليه وأكبره. فقالوا: لقد جئناك بأجمعنا في حاجة لابن أبي عتيق. قال:

  هي مقضيّة كائنة ما كانت. قال ابن أبي عتيق: قد قضيتها كائنة ما كانت من ملك أو مال أو أهل؟ قال نعم. قال:

  تهب لهم ولي لبنى زوجتك وتطلَّقها. قال: فإني أشهدكم أنها طالق ثلاثا. فاستحيا القوم واعتذروا وقالوا: واللَّه ما عرفنا حاجته، ولو علمنا أنها هذه ما سألناك إيّاها. وقال ابن عائشة: فعوّضه الحسن من ذلك مائة ألف درهم وحملها ابن أبي عتيق إليه. فلم تزل عنده حتى انقضت عدّتها. / فسأل القوم أباها فزوّجها قيسا، فلم تزل معه حتى ماتا. قالوا: فقال قيس يمدح ابن أبي عتيق:

  جزى الرحمن أفضل ما يجازي ... على الإحسان خيرا من صديق

  فقد جرّبت إخواني جميعا ... فما ألفيت كابن أبي عتيق

  سعى في جمع شملي بعد صدع ... ورأي حدت فيه عن الطريق

  وأطفأ لوعة كانت بقلبي ... أغصّتني حرارتها بريقي

  قال: فقال له ابن أبي عتيق: يا حبيبي أمسك عن هذا المديح؛ فما يسمعه أحد إلَّا ظنّني قوّادا. مضى الحديث.

صوت من مدن معبد في شعر عنترة:

  ومن مدن معبد وهو الذي أوّله:

  يا دار عبلة بالجواء تكلَّمي

  وقد جمع معه سائر ما يغنّى فيه من القصيدة.

  منها:

  صوت

  هل غادر الشعراء من متردّم ... أم هل عرفت الدار⁣(⁣١) بعد توهم

  يا دار عبلة بالجواء تكلَّمي ... وعمي صباحا دار عبلة واسلمي


(١) ويروي: «أم هل عرفت الربع» وهي الرواية التي كتب عليها المؤلف.