كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عدي بن الرقاع ونسبه

صفحة 212 - الجزء 9

  / قال: فابتدروا من كل وجه يقولون: كثيّر كثيّر. ثم قال: وأمرني أن أسأل عن نسب ابن الرّقاع؛ فقالوا: لا ندري؛ حتى قام أعرابيّ من مؤخّر المسجد فقال: هو من عاملة.

  نقد محمد بن المنجم بيتا من شعره:

  أخبرنا يحيى بن عليّ بن يحيى عن أبيه قال قال لي محمد بن المنجّم: ما أحد ذكر لي فأحببت أن أراه فإذا رأيته أمرت بصفعه إلا عديّ بن الرّقاع. قلت: ولم ذلك؟ قال: لقوله:

  وعلمت حتى ما أسائل عالما ... عن علم واحدة لكي أزدادها

  فكنت أعرض عليه أصناف العلوم، فكلما مرّ به شيء لا يحسنه أمرت بصفعه.

  جاءه شعراء ليعارضوه فردت عليهم بنته فأفحمتهم:

  حدّثني إبراهيم بن محمد بن أيّوب قال حدّثنا عبد اللَّه بن مسلم قال:

  كان عديّ بن الرّقاع ينزل بالشام، وكانت له بنت تقول الشعر. فأتاه ناس من الشعراء ليماتنوه⁣(⁣١) وكان غائبا؛ فسمعت بنته وهي صغيرة لم تبلغ دور وعيدهم، فخرجت إليهم وأنشأت تقول:

  تجمّعتم من كل أوب وبلدة ... على واحد لا زلتم قرن واحد

  فأفحمتهم:

  كان من أوصف الشعراء للمطية:

  وقال عبد اللَّه بن مسلم:

  وممّا ينفرد به ويقدّم فيه وصف المطيّة؛ فإنه كان من أوصف الشعراء لها.

  استحسن أبو عمرو شعره:

  حدّثني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثنا محمد بن عبّاد بن موسى قال: كنت عند أبي عمرو أعرض أو يعرض عليه رجل بحضرتي من شعر عديّ بن الرّقاع، وقرأت أو قرأ هذه الأبيات:

  /

  لولا الحياء وأنّ رأسي قد عسا⁣(⁣٢) ... فيه المشيب لزرت أمّ القاسم

  / وكأنها وسط النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم

  وسنان أقصده النّعاس فرنّقت ... في عينه سنة وليس بنائم

  فقال أبو عمرو: أحسن واللَّه!. فقال رجل كان يحضر مجلسه أعرابيّ كأنه مدنيّ: أما واللَّه لو رأيته مشبوحا بين أربعة وقضبان الدّفلى⁣(⁣٣) تأخذه لكنت أشدّ له استحسانا. يعني إذا كان يغنّي به على العود.


(١) ماتنه في الشعر: عارضه.

(٢) عسا: اشتد.

(٣) الدفلي: نبت مرّ زهره كالورد الأحمر وحمله كالخروب