ذكر أخبار الفرزدق في هذا الشعر خاصة دون غيره
  رجع الحديث إلى سياقه حديث الفرزدق والنّوار:
  تزوّج رهيمة بنت غنيم اليربوعية:
  قال دماذ: وتزوّج الفرزدق على النّوار امرأة من اليرابيع، وهم بطن من النّمر بن قاسط حلفاء لبنى الحارث بن عباد القينيّ، وقد انتسبوا فيهم. فقالت له النّوار: وما عسى أن تكون القينيّة؟! فقال:
  /
  أرتك(١) نجوم اللَّيل والشمس حيّة ... زحام بنات الحارث بن عباد
  نساء أبوهنّ الأغرّ ولم تكن ... من الحتّ(٢) في أجبالها وهداد(٣)
  ولم يكن الجوف(٤) الغموض محلَّها ... ولا في الهجاريّين رهط زياد
  أبوها الذي أدنى النّعامة بعد ما ... أبت وائل في الحرب غير تماد
  - يعني بأبيها الذي أدنى النعامة الحارث بن عباد، وأراد قوله:
  قرّبا مربط النّعامة منّي ... -
  عدلت بها ميل النّوار فأصبحت ... مقاربة لي بعد طول بعاد
  وليست وإن أنبأت أنّي أحبّها ... إلى دار ميّات النّجار جياد
  وقال أبو عبيدة حدّثني أعين بن لبطة قال: تزوّج الفرزدق، مضارّة للنّوار، امرأة يقال لها رهيمة بنت غنيم بن درهم من اليرابيع، قوم من النّمر بن قاسط في بني الحارث بن عباد. وأمّها الحميضة(٥) من بني الحارث. فنافرته الحميضة فاستعدت عليه. فأنكرها الفرزدق وقال: أنا منها بريء، وطلَّق ابنتها وقال:
  إن الحميضة كانت لي ولا بنتها ... مثل الهراسة(٦) بين النّعل والقدم
  إذا أتت أهلها منّي مطلَّقة ... فلن أردّ عليها زفرة النّدم
  / مضى الحديث. ولم أجد لأحد من الخلفاء الذين ذكرتهم والذين لم أذكرهم، بعد الواثق، صنعة يعتدّ بها إلا المعتضد، فإنه صنع صنعة متقنة عجيبة، أبرّت(٧) على صنعة سائر الخلفاء / سوى الواثق، وفضل فيها أكثر أهل الزمان الذي نشأ فيه. وإنما ذكرت صنعة من بينهما، لأنها قد رويت، فأمّا حقيقة الغناء الجيّد فليس بينهما مثلهما.
(١) في «ديوانه»: «أراك». وفي «النقائض»: «سوف يريك النجم».
(٢) الحت: قبيلة من كندة.
(٣) هداد: حي من اليمن.
(٤) الجوف: المطمئن من الأرض. ويحتمل أن يكون الغموض بفتح الغين صيغة مبالغة من غمض المكان إذا تطامن وخفي. ويحتمل أن يكون جمع غمض، وهو المكان المنخفض المطمئن. وإنما وصف المفرد بالجمع لإرادة الجنس، كما يقال الدينار الصفر، والدرهم البيض. ومنه قول الفرزدق نفسه على رواية «الأغاني» كما تقدّم في صفحة ٣٢٥ من هذا الجزء:
وإبطال حقي باليمين الكواذب
(٥) في «النقائض» ص ٥٩٥: «الخميصة» بالخاء المعجمة والصاد المهملة.
(٦) الهراسة: واحدة الهراس، وهو شوك كأنه حسك.
(٧) كذا في ج. «وأبرأت: علت. وفي سائر الأصول:» أبرزت «وهو تحريف.