كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار دريد بن الصمة ونسبه

صفحة 253 - الجزء 10

  تقول هلال خارج من غمامة ... إذا جاء يجري في شليل⁣(⁣١) وقونس

  يشدّ متون الأقربين بهاؤه ... ويخبث نفس الشانئ المتعبّس

  وليس بمكباب⁣(⁣٢) إذا الليل جنّه ... نؤوم إذا ما أدلجوا في المعرّس

  ولكنّه مدلاج ليل إذا سرى ... يندّ⁣(⁣٣) سراه كلّ هاد مملَّس⁣(⁣٤)

  هذه رواية أبي عبيدة.

  يوم ثيل:

  وأخبرني محمد بن الحسن بن دريد عن عمّه العبّاس بن هشام عن أبيه أن خالد بن الصّمّة قتل في غارة أغارتها بنو الحارث بن كعب على بني نصر بن معاوية في يوم يقال له يوم ثيل⁣(⁣٥)، فأصابوا ناسا من بني نصر.

  وبلغ الخبر بني جشم فلحقوهم، ورئيس بني جشم يومئذ مالك بن حزن، فاستنقذوا ما كان في أيديهم من غنائم بني نصر، فأصابوا ذا القرن الحارثيّ أسيرا وفقئوا عين شهاب بن أبان الحارثيّ بسهم، / وقتل يومئذ خالد بن الصّمّة وكان مع مالك بن حزن، وأصابت بنو جشم منهم ناسا، وكان رئيس بني الحارث بن كعب يومئذ شهاب بن أبان، ولم يشهد دريد بن الصّمّة ذلك اليوم؛ فلما رجعوا قتلوا ذا القرن بخالد بن الصّمّة، ولما قدّم لتضرب عنقه، صاح بأوس بن الصّمّة، وكان له صديقا، ولم يكن أوس حاضرا، فلم ينفعه ذلك وقتل. فلما قدم أوس غضب وقال: أقتلتم رجلا استجار باسمي! فقال عوف بن معاوية في ذلك:

  نبّئت أوسا بكى ذا القرن إذ شربا ... على عكاظ بكاء غال مجهودي⁣(⁣٦)

  إنّي حلفت بما جمّعت من نشب ... وما ذبحت على أنصابك السّود

  لتبكينّ قتيلا منك مقتربا ... إنّي رأيتك تبكي للأباعيد

  قصة زواجه بامرأة وجدها ثيبا:

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا أبو غسّان دماذ عن أبي عبيدة، وأخبرني عبد اللَّه بن مالك النحويّ الضّرير قال حدّثنا محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال:

  تزوّج دريد بن الصّمّة امرأة فوجده ثيّبا، وكانوا قالوا له إنها بكر، فقام عنها قبل أن يصل إليها، / وأخذ سيفه فأقبل به إليها ليضربها، فتلقّته أمّها لتدفعه عنها، فوقف يديها (أي حزّهما ولم يقطعهما)، فنظر إليها بعد ذلك وهي معصوبة فقال:

  أقرّ العين أن عصبت يديها ... وما إن تعصبان على خضاب


(١) الشليل: الغلالة تلبس تحت الدرع. والقونس: أعلى بيضة الحديد، وقيل مقدم البيضة.

(٢) المكباب: الكثير النظر إلى الأرض.

(٣) ينذّ: يشر، وينفر.

(٤) كذا في الأصول. والظاهر أنها محرفة عن «عملس» وهو القوي الشديد على السفر أو القوي على السير السريع، ومثله «العمرس».

(٥) لم نجد يوما بهذا الاسم فيما راجعنا من مصادر. وفي ياقوت: «ثيتل بالفتح ثم السكون ماء قرب النباج كانت به وقعة مشهورة».

(٦) في «ج»: «مجلودي».