أخبار دريد بن الصمة ونسبه
  فأبقاهنّ أن لهنّ جدّا ... وواقية كواقية الكلاب
  قالوا: يريد أن الكلب يصيبه الجرح فيلحس نفسه فيبرأ.
  ما جرى بينه وبين عياض الثعلبي:
  قال أبو عبيدة وابن الأعرابيّ جميعا في هذه الرواية: أسر دريد بن الصّمّة عياضا الثّعلبيّ أحد بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان فأنعم(١) عليه. ثم إن دريدا أتاه بعد ذلك يستثيبه. فقال له: إيت رحلك حتى أبعث إليك بثوابك؛ فانصرف دريد. فبعث إليه بوطب(٢) نصفه لبن ونصفه بول. فغضب دريد ولم يلبث إلَّا قليلا حتى أغار على بني ثعلبة، واستاق إبل عياض، وأفلت عياض منه جريحا؛ فقال دريد في ذلك من قصيدة:
  فإن تنج يدمى عارضاك فإنّنا ... تركنا بنيك للضّباع وللرّخم(٣)
  جزيت عياضا كفره وعقوقه ... وأخرجته من المدفّأة(٤) الدّهم
  ألا هل أتاه ما ركبنا سراتهم ... وما قد عقرنا من صفيّ(٥) ومن قرم
  هجا عبد اللَّه بن جدعان ثم مدحه:
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا دماذ عن أبي عبيدة قال: هجا دريد بن الصّمّة عبد اللَّه بن جدعان التّيميّ تيم قريش فقال:
  هل بالحوادث والأيام من عجب ... أم بابن جدعان عبد اللَّه من كلب
  إست حميت(٦) وهي في عكم ربّته ... في يوم حرّ شديد الشرّ والهرب
  إذا لقيت بني حرب وأخوتهم ... لا يأكلون عطين(٧) الجلد والأهب
  لا ينكلون ولا تشوي(٨) رماحهم ... من الكماة ذوي الأبدان والجبب(٩)
  / فاقعد بطينا مع الأقوام ما قعدوا ... وإن غزوت فلا تبعد من النّصب
  فلو ثقفتك(١٠) وسط القوم ترصدني ... إذا تلبّس منك العرض(١١) بالحقب
(١) أنعم عليه: أطلقه.
(٢) الوطب: سقاء للبن يتخذ من جلد.
(٣) الرخم: (بضم الراء وسكون الخاء): جمع رخمة (بفتح الراء والخاء). وهي طائر أبقع على شكل النسر خلقة إلا أنه مبقع بسواد وبياض يقال له الأنوق.
(٤) المدفأة: الإبل الكثيرة الأوبار والشحوم.
(٥) الصفي: الناقة الغزيرة اللبن. والقرم: الفحل.
(٦) الحميت: المتين. والعكم (بكسر العين وسكون الكاف): العدل يجعل فيه المتاع ويشد عليه بالعكام أي الحبل. ويلاحظ أن هذا الشطر غير واضح.
(٧) العطين: الجلد المدبوغ.
(٨) تشوي: تصيب الشوى ولا تقتل. والشوى: الأطراف.
(٩) الأبدان: جمع بدن وهو هنا الدرع القصيرة. والجبب: جمع جبة وهي هنا الدرع أيضا.
(١٠) ثقفه: صادفه.
(١١) العرض هنا: الجسد، والحقب شيء تتخذه المرأة تعلق به معاليق الحلي تشده على وسطها. يريد إذا صادفتك وسط القوم لبست