كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار دريد بن الصمة ونسبه

صفحة 254 - الجزء 10

  فأبقاهنّ أن لهنّ جدّا ... وواقية كواقية الكلاب

  قالوا: يريد أن الكلب يصيبه الجرح فيلحس نفسه فيبرأ.

  ما جرى بينه وبين عياض الثعلبي:

  قال أبو عبيدة وابن الأعرابيّ جميعا في هذه الرواية: أسر دريد بن الصّمّة عياضا الثّعلبيّ أحد بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان فأنعم⁣(⁣١) عليه. ثم إن دريدا أتاه بعد ذلك يستثيبه. فقال له: إيت رحلك حتى أبعث إليك بثوابك؛ فانصرف دريد. فبعث إليه بوطب⁣(⁣٢) نصفه لبن ونصفه بول. فغضب دريد ولم يلبث إلَّا قليلا حتى أغار على بني ثعلبة، واستاق إبل عياض، وأفلت عياض منه جريحا؛ فقال دريد في ذلك من قصيدة:

  فإن تنج يدمى عارضاك فإنّنا ... تركنا بنيك للضّباع وللرّخم⁣(⁣٣)

  جزيت عياضا كفره وعقوقه ... وأخرجته من المدفّأة⁣(⁣٤) الدّهم

  ألا هل أتاه ما ركبنا سراتهم ... وما قد عقرنا من صفيّ⁣(⁣٥) ومن قرم

  هجا عبد اللَّه بن جدعان ثم مدحه:

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا دماذ عن أبي عبيدة قال: هجا دريد بن الصّمّة عبد اللَّه بن جدعان التّيميّ تيم قريش فقال:

  هل بالحوادث والأيام من عجب ... أم بابن جدعان عبد اللَّه من كلب

  إست حميت⁣(⁣٦) وهي في عكم ربّته ... في يوم حرّ شديد الشرّ والهرب

  إذا لقيت بني حرب وأخوتهم ... لا يأكلون عطين⁣(⁣٧) الجلد والأهب

  لا ينكلون ولا تشوي⁣(⁣٨) رماحهم ... من الكماة ذوي الأبدان والجبب⁣(⁣٩)

  / فاقعد بطينا مع الأقوام ما قعدوا ... وإن غزوت فلا تبعد من النّصب

  فلو ثقفتك⁣(⁣١٠) وسط القوم ترصدني ... إذا تلبّس منك العرض⁣(⁣١١) بالحقب


(١) أنعم عليه: أطلقه.

(٢) الوطب: سقاء للبن يتخذ من جلد.

(٣) الرخم: (بضم الراء وسكون الخاء): جمع رخمة (بفتح الراء والخاء). وهي طائر أبقع على شكل النسر خلقة إلا أنه مبقع بسواد وبياض يقال له الأنوق.

(٤) المدفأة: الإبل الكثيرة الأوبار والشحوم.

(٥) الصفي: الناقة الغزيرة اللبن. والقرم: الفحل.

(٦) الحميت: المتين. والعكم (بكسر العين وسكون الكاف): العدل يجعل فيه المتاع ويشد عليه بالعكام أي الحبل. ويلاحظ أن هذا الشطر غير واضح.

(٧) العطين: الجلد المدبوغ.

(٨) تشوي: تصيب الشوى ولا تقتل. والشوى: الأطراف.

(٩) الأبدان: جمع بدن وهو هنا الدرع القصيرة. والجبب: جمع جبة وهي هنا الدرع أيضا.

(١٠) ثقفه: صادفه.

(١١) العرض هنا: الجسد، والحقب شيء تتخذه المرأة تعلق به معاليق الحلي تشده على وسطها. يريد إذا صادفتك وسط القوم لبست