أخبار دريد بن الصمة ونسبه
  وأصفر من قداح النّبع صلب ... خفيّ الوسم في ضرس(١) ولمس
  دفعت إلى المفيض(٢) إذا استقلَّوا ... على الرّكبات(٣) مطلع كلّ شمس
  فإن أكدى(٤) فتامكة تؤدّى(٥) ... وإن أربى فإني غير نكس
  وتزعم أنني شيخ كبير ... وهل خبّرتها أني ابن أمس
  / تريد شرنبث(٦) القدمين شثنا ... يبادر بالجدائر كلّ كرس
  وما قصرت يدي عن عظم أمر ... أهمّ به ولا سهمي بنكس
  وما أنا بالمزجّى(٧) حين يسمو ... عظيم في الأمور ولا بوهس
  قال: فقيل للخنساء: ألا تجيبينه؟ فقالت: لا أجمع عليه أن أردّه وأهجوه.
  آخر أيامه وشعره بعد أن أسن وضعف جسمه:
  أخبرني هاشم بن محمد قال حدّثنا دماذ عن أبي عبيدة قال: لما أسنّ دريد جعل له قومه بيتا مفردا عن البيوت، ووكَّلوا به أمة تخدمه، فكانت إذا أرادت أن تبعد في حاجة قيّدته بقيد الفرس. فدخل إليه رجل من قومه فقال له: كيف أنت يا دريد؟ فأنشأ يقول:
  أصبحت أقذف أهداف المنون(٨) كما ... يرمي الدّريئة(٩) أدنى فوقة(١٠) الونر
عقب القدور عددن مالا. وعقبه القدر: ما التزق بأسفلها من تابل وغيره. وتحت: تعجل، يقال حته دراهمه إذا عجل له النقد.
وقد وردت هذه الكلمة في الأصول «تحب» والتصويب عن «اللسان». يريد أنه إذا اشتد القحط وعدّت عقب القدور مالا عجلت زوجته العطاء لزوجات الأبرام. والإبرام: اللئام، الواحد: برم، وهو في «الأصل» الذي لا يدخل مع القوم في الميسر.
(١) ضرس السهم: عجمه.
(٢) المفيض: الضارب بالقداح.
(٣) في الأصول: «الركبان» والتصويب عن «الأمالي»؛ ويروى فيه:
دفعت إلى النجيّ وقد تجاثوا ... على الركبات مطلع كل شمس
قال أبو علي قال لنا أبو بكر قال أبو حاتم عن الأصمعي: هذا غلط، إنما هو مغرب كل شمس، لأن الأيسار إنما يتياسرون بالعشيات.
(٤) أكدى: أخفق ولم يصب.
(٥) كذلك في الأصول. ويلاحظ أنه لم يرد في «كتب اللغة» إلا التامك بدون هاء التأنيث. والتامك: الناقة العظيمة السنام أو السنام نفسه. والنكس: الرجل الضعيف لا خير فيه.
(٦) الشرنبث: الغليظ. والشئن: الغليظ أيضا. والكرس: ما تكرس أي صار بعضه فوق بعض. والجدائر: جمع جديرة وهي الحظيرة.
وقد رواه أبو علي في «الأمالي»:
تريد أفيحج الرجلين شثنا ... يقلع بالجديرة كل كرس
وقال: ويروى:
تريد شرنبث الكفين شئنا ... يقلع بالجدائر كل كرس
(٧) المزجي من القوم: المزلج وهو الملصق بالقوم وليس منهم، والرجل الناقص المروءة، والدون من كل شيء، والبخيل. والوهس:
الذليل الموطوء.
(٨) في أ، م: «السنين». وفي ح: «المئين».
(٩) الدريئة: حلقة يتعلم عليها الرامي الرمي؛ قال عمرو بن معد يكرب:
ظلت كأني للرماح دريئة ... أقاتل عن أبناء جرم وفرّت
(١٠) في «اللسان»: «الفوق: مشق رأس السهم حيث يقع الوتر. وحرفاه: زنمتاه. وهذيل تسمى الزنمتين الفوقتين.