كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار دريد بن الصمة ونسبه

صفحة 258 - الجزء 10

  في منصف⁣(⁣١) من مدى تسعين من مائة ... كرمية الكاعب العذراء بالحجر

  في منزل نازح م الحيّ منتبذ ... كمربط العير لا أدعى إلى خبر

  / كأنّني خرب⁣(⁣٢) قصّت قوادمه ... أو جثّة من بغاث في يدي خصر⁣(⁣٣)

  يمضون أمرهم دوني وما فقدوا ... منّي عزيمة أمر ما خلا كبري

  ونومة لست أقضيها وإن متعت⁣(⁣٤) ... وما مضى قبل من شأوي ومن عمري

  وأنني رابني قيد حبست به ... وقد أكون وما يمشى على أثري

  إن السّنين إذا قرّبن من مائة ... لوين مرّة⁣(⁣٥) أحوال على مرر

  أخبرني هاشم بن محمد قال حدّثنا دماذ عن أبي عبيدة قال: قالت امرأة دريد له: قد أسننت وضعف جسمك وقتل أهلك وفني شبابك، ولا مال لك ولا عدّة، فعلى أيّ شيء تعوّل إن طال بك العمر أو على أي شيء تخلَّف أهلك إن قتلت؟ فقال دريد:

  صوت

  أعاذل إنما أفنى شبابي ... ركوبي في الصّريخ إلى المنادي

  مع الفتيان حتى كلّ جسمي ... وأقرح عاتقي حمل النّجاد

  أعاذل إنه مال طريف ... أحبّ إليّ من مال تلاد

  أعاذل عدّتي بدني⁣(⁣٦) ورمحي ... وكلّ مقلَّص شكس القياد

  ويبقى بعد حلم القوم حلمي ... ويفنى قبل زاد القوم زادي

  هذا الشعر رواه أبو عبيدة لدريد، وغيره يرويه لعمرو بن معد يكرب، وقول أبي عبيدة أصحّ. لابن⁣(⁣٧) محرز في هذه الأبيات ثاني ثقيل بالخنصر في مجرى البنصر / عن إسحاق. وذكر عمرو بن بانة أن لابن سريج فيها ثاني ثقيل بالبنصر. وخلط المغنّون بهذا الشعر قول عمرو بن معد يكرب في هذين اللحنين:

  أريد حياته⁣(⁣٨) ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد

  ولولا قيتني ومعي سلاحي ... تكشّف شحم قلبك عن سواد


(١) منصف الشيء: وسطه.

(٢) الخرب: ذكر الحباري.

(٣) كذا في الأصول. ولعلها «هصر». ويقال ليث هصور وهصر (ككتف) وهصر (كصرد).

(٤) متعت: طابت.

(٥) المرة: طاقة الحبل.

(٦) البدن هنا: الدرع. وفرس مقلص (بكسر اللام): طويل القوائم منضم البطن.

(٧) في الأصول هنا. «ولابن محرز ... إلخ».

(٨) في ب، س: «حباءه».