كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

4 - أخبار ابن سريج ونسبه

صفحة 248 - الجزء 1

  / قال ابن سريج: فلمّا سمعت ذلك قويت نفسي واشتدّت منّتي⁣(⁣١)، ومررت بهم أخطر في مصبّغاتي. فلمّا حاذيتهم قاموا بأجمعهم فسلَّموا عليّ، ثم قالوا لأحداثهم: امشوا مع أبي يحيى.

  ابن سريج مع فتية من بني مروان

  وقد حدّثني عمّي بهذا الخبر فقال حدّثني أبو أيّوب المدينيّ قال حدّثني محمد بن سلَّام عن جرير قال:

  قال لي ابن سريج: دعاني فتية من بني مروان، فدخلت إليهم وأنا في ثياب الحجاز الغلاظ الجافية، وهم في القوهيّ⁣(⁣٢) والوشي يرفلون كأنهم الدّنانير الهرقليّة⁣(⁣٣)، فغنّيتهم وأنا محتقر لنفسي عندهم لحنا لي، وهو:

  صوت

  أبا لفرع لم تظعن مع الحيّ زينب ... بنفسي عن النّأي الحبيب المغيّب

  بوجهك عن مسّ التّراب مضنّة⁣(⁣٤) ... فلا تبعدي إذ كلّ حيّ سيعطب

  - ولحن ابن سريج هذا رمل بالخنصر في مجرى البنصر - قال: فتضاءلوا في عيني حتى ساويتهم في نفسي لما رأيتهم عليه من الإعظام لي. ثم غنّيتهم:

  ودّع لبابة قبل أن تترحّلا ... واسأل فإن قلاله أن تسألا

  فطربوا وعظَّموني وتواضعوا لي، حتى صرت في نفسي بمنزلتهم لما رأيتهم عليه، وصاروا / في عيني⁣(⁣٥) بمنزلتي. ثم غنّيتهم:

  ألا هل هاجك الأظعا ... ن إذ جاوزن مطَّلحا

  / فطربوا ومثلوا بين يديّ ورموا بحللهم كلَّها عليّ حتى غطَّوني بها، فمثّلت لي نفسي أنها نفس الخليفة وأنهم لي خول⁣(⁣٦)، فما رفعت طرفي إليهم بعد ذلك تيها. وقد مضت نسبة «ودّع لبابة» في أخبار عمر بن أبي ربيعة وغيره. وأمّا:

  ألا هل هاجك الأظعا ... ن ...

  فنذكر نسبته.:

  نسبة هذا الصوت

  صوت

  ألا هل هاجك الأظعا ... ن إذ جاوزن مطَّلحا


(١) منّتي: قوّتي.

(٢) انظر الحاشية رقم ١ ص ٢٣٦ من هذا الجزء.

(٣) نسبة إلى هر قل أحد ملوك الروم وهو أوّل من ضرب الدنانير.

(٤) المضنة بفتح الضاد وكسرها: البخل.

(٥) كذا في ت. وفي م، ء، أ: «فطربوا وعظموني وتواضعوا لي واستخفوا في أنفسهم حتى وجدت في نفسي بشاشة لهم وصاروا في عيني أقل شيء ثم غنيتهم الخ» وفي سائر النسخ: «حتى صرت في نفسي كمنزلتهم وصاروا في نفسهم كمنزلتي».

(٦) الخول: العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية، الواحد والجميع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء.