4 - أخبار ابن سريج ونسبه
  / قال ابن سريج: فلمّا سمعت ذلك قويت نفسي واشتدّت منّتي(١)، ومررت بهم أخطر في مصبّغاتي. فلمّا حاذيتهم قاموا بأجمعهم فسلَّموا عليّ، ثم قالوا لأحداثهم: امشوا مع أبي يحيى.
  ابن سريج مع فتية من بني مروان
  وقد حدّثني عمّي بهذا الخبر فقال حدّثني أبو أيّوب المدينيّ قال حدّثني محمد بن سلَّام عن جرير قال:
  قال لي ابن سريج: دعاني فتية من بني مروان، فدخلت إليهم وأنا في ثياب الحجاز الغلاظ الجافية، وهم في القوهيّ(٢) والوشي يرفلون كأنهم الدّنانير الهرقليّة(٣)، فغنّيتهم وأنا محتقر لنفسي عندهم لحنا لي، وهو:
  صوت
  أبا لفرع لم تظعن مع الحيّ زينب ... بنفسي عن النّأي الحبيب المغيّب
  بوجهك عن مسّ التّراب مضنّة(٤) ... فلا تبعدي إذ كلّ حيّ سيعطب
  - ولحن ابن سريج هذا رمل بالخنصر في مجرى البنصر - قال: فتضاءلوا في عيني حتى ساويتهم في نفسي لما رأيتهم عليه من الإعظام لي. ثم غنّيتهم:
  ودّع لبابة قبل أن تترحّلا ... واسأل فإن قلاله أن تسألا
  فطربوا وعظَّموني وتواضعوا لي، حتى صرت في نفسي بمنزلتهم لما رأيتهم عليه، وصاروا / في عيني(٥) بمنزلتي. ثم غنّيتهم:
  ألا هل هاجك الأظعا ... ن إذ جاوزن مطَّلحا
  / فطربوا ومثلوا بين يديّ ورموا بحللهم كلَّها عليّ حتى غطَّوني بها، فمثّلت لي نفسي أنها نفس الخليفة وأنهم لي خول(٦)، فما رفعت طرفي إليهم بعد ذلك تيها. وقد مضت نسبة «ودّع لبابة» في أخبار عمر بن أبي ربيعة وغيره. وأمّا:
  ألا هل هاجك الأظعا ... ن ...
  فنذكر نسبته.:
  نسبة هذا الصوت
  صوت
  ألا هل هاجك الأظعا ... ن إذ جاوزن مطَّلحا
(١) منّتي: قوّتي.
(٢) انظر الحاشية رقم ١ ص ٢٣٦ من هذا الجزء.
(٣) نسبة إلى هر قل أحد ملوك الروم وهو أوّل من ضرب الدنانير.
(٤) المضنة بفتح الضاد وكسرها: البخل.
(٥) كذا في ت. وفي م، ء، أ: «فطربوا وعظموني وتواضعوا لي واستخفوا في أنفسهم حتى وجدت في نفسي بشاشة لهم وصاروا في عيني أقل شيء ثم غنيتهم الخ» وفي سائر النسخ: «حتى صرت في نفسي كمنزلتهم وصاروا في نفسهم كمنزلتي».
(٦) الخول: العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية، الواحد والجميع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء.