كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار دريد بن الصمة ونسبه

صفحة 260 - الجزء 10

  تحالف مع معاوية بن عمرو بن الشريد ورثاه:

  / أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا أبو غسّان دماذ عن أبي عبيدة قال: تحالف دريد بن الصّمّة ومعاوية بن عمرو بن الشّريد وتواثقا إن هلك أحدهما أن يرثيه الباقي بعده، وإن قتل أن يطلب بثأره. فقتل معاوية بن عمرو بن الشّريد، قتله هاشم بن حرملة بن الأشعر المرّيّ. فرثاه دريد بقصيدته التي أولها:

  ألا هبّت تلوم بغير قدر ... وقد أحفظتني ودخلت ستري

  وإلَّا تتركي لومي سفاها ... تلمك عليه نفسك غير عصر

  وفيها يقول:

  فإنّ الرّزء يوم وقفت أدعو ... فلم أسمع معاوية بن عمرو

  ولو أسمعته لأتاك يسعى ... حثيث السّعي أو لأتاك يجري

  بشكَّة⁣(⁣١) حازم لا غمز فيه ... إذا لبس الكماة جلود نمر⁣(⁣٢)

  / عرفت مكانه فعطفت زورا⁣(⁣٣) ... وأين مكان زور يا بن بكر

  على إرم⁣(⁣٤) وأحجار ثقال ... وأغصان من السلمات سمر

  وبنيان القبور أتى عليها ... طوال الدهر شهرا بعد شهر

  حديث عارض الجشمي عنه وقد خرف:

  أخبرني عبد اللَّه بن مالك النحويّ قال حدّثنا محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال:

  وقف عارض الجشميّ على دريد وقد خرف وهو عريان وهو يكوّم كوم بطحاء⁣(⁣٥) بين رجليه يلعب بذلك؛ فجعل عارض يتعجّب مما صار إليه دريد. فرفع رأسه دريد إليه وقال:

  كأنّني رأس حضن⁣(⁣٦) ... في يوم غيم ودجن⁣(⁣٧)

  يا ليتني عهد زمن ... أنفض رأسي وذقن

  كأنّني فحل حصن ... أرسل في حبل عنن

  أرسل كالظَّبي الأرن⁣(⁣٨) ... ألصق أذنا بأذن

  قال: ثم سقط؛ فقال له عارض: انهض دريد! فقال:


(١) الشكة: السلاح.

(٢) يقال: لبس فلان لفلان جلد النمر إذا تنكر له. وكانت ملوك العرب إذا جلست لقتل إنسان لبست جلود النمر ثم أمرت بقتل من تريد قتله.

(٣) الزور في اللغة: الجمل القوي، ولعله هنا اسم جملة.

(٤) الإرم: حجارة تنصب علما في المفازة.

(٥) البطحاء هنا: الحصى الصغار.

(٦) حضن: سم جبل.

(٧) الدجن: جمع دجنة وهي الظلمة.

(٨) الأرن: النشيط.