كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار دريد بن الصمة ونسبه

صفحة 263 - الجزء 10

  إلى أمّه أخبرها بقتله إياه؛ فقالت له: لقد أعتق قتيلك ثلاثا من أمهاتك. وبعث رسول اللَّه في آثار من توجّه قبل أوطاس أبا عامر الأشعريّ ابن عمّ أبي موسى الأشعريّ، فهزمهم / اللَّه جلّ وعزّ وفتح عليه. فيزعمون أنّ سلمة بن دريد بن الصّمّة رماه بسهم فأصاب ركبته فقتله (يعني أبا عامر).

  فقالت عمرة بنت دريد ترثيه:

  جزى عنّا الإله بني سليم ... وأعقبهم بما فعلوا عقاق⁣(⁣١)

  وأسقانا إذا سرنا إليهم ... دماء خيارهم يوم التّلاقي

  فربّ منوّه بك من سليم ... أجيب وقد دعاك بلا رماق⁣(⁣٢)

  وربّ كريمة أعتقت منهم ... وأخرى قد فككت من الوثاق

  وقالت عمرة ترثيه أيضا:

  قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا ... وظلّ دمعي على الخدّين يبتدر⁣(⁣٣)

  لولا الذي قهر الأقوام كلَّهم ... رأت سليم وكعب كيف تأتمر

  إذا لصبّحهم غبّا وظاهرة⁣(⁣٤) ... حيث استقرّ نواهم جحفل ذفر⁣(⁣٥)

  استحثه قومه على الأخذ بثأر أخيه خالد من بني الحارث فقال شعرا وأجابه عبد اللَّه بن عبد المدان:

  ونسخت من كتاب مترجم بأنه نسخ من نسخة عمرو بن أبي عمرو الشّيبانيّ يأثره عن أبيه قال قال محمد بن السّائب الكلبيّ:

  كان دريد بن الصّمّة يوما يشرب مع نفر من قومه، فقالوا له: يا أبا ذفافة - وكان يكنى بأبي ذفافة وبأبي قرّة - أينجو بنو الحارث بن كعب منك وقد قتلوا / أخاك خالدا!؟ فقال لهم: إنّ القوم جمرة⁣(⁣٦) مذحج، وهم أكفاء جشم، ولا يجمل بي هجاؤهم. فأحفظوه بكثرة القول وأغضبوه، فقال:

  يا بني الحارث أنتم معشر ... زندكم وار وفي الحرب بهم⁣(⁣٧)


(١) في «لسان العرب» و «السيرة لابن هشام»: «وعقتهم» بدل «وأعقبهم». وعقاق (بالبناء على الكسر): العقوق.

(٢) الرماق من العيش: البلغة والقليل يمسك الرمق.

(٣) في أ، م: «ينحدر». وفي «سيرة ابن هشام» «فظل دمعي على السربال ينحدر».

(٤) كذا في «السيرة» لابن هشام. وقد جاء في «لسان العرب» (في مادة «غبب»): «ومن كلامهم لأضربنك غب الحمار وظاهرة الفرس؛ فغب الحمار أن يرعى يوما ويشرب يوما، وظاهرة الفرس أن يشرب كل يوم نصف النهار». وفي الأصول: «عنا وظاهرهم» وهو تحريف.

(٥) كذا في «السيرة». والذفر: المتغير الرائحة؛ يقال: كتيبة ذفرا. أي إنها سهكة من الحديد وصدئه. وفي الأصول «زفر» بالزاي وهو تحريف.

(٦) يقال: بنو فلان جمرة، إذا كانوا أهل منعة وشدّة. والجمرة: كل قوم يصبرون لقتال من قاتلهم لا يخالفون أحدا ولا ينضمون إلى أحد، تكون القبيلة نفسها جمرة تصبر لفراغ القبائل، كما صبرت عبس لقبائل قيس. قال أبو عبيدة: جمرات العرب ثلاثة بنو ضبة بن أد، وبنو الحارث بن كعب، وبنو نمير بن عامر، وطفئت منهم جمرتان: طفئت ضبة لأنها حالفت الرباب، وطفئت بنو الحارث لأنها حالفت مذحج، وبقيت نمير لم تطفأ لأنها لم تحالف.

(٧) بهم: جمع بهمة وهو الشجاع.