أخبار دريد بن الصمة ونسبه
  إلى أمّه أخبرها بقتله إياه؛ فقالت له: لقد أعتق قتيلك ثلاثا من أمهاتك. وبعث رسول اللَّه ﷺ في آثار من توجّه قبل أوطاس أبا عامر الأشعريّ ابن عمّ أبي موسى الأشعريّ، فهزمهم / اللَّه جلّ وعزّ وفتح عليه. فيزعمون أنّ سلمة بن دريد بن الصّمّة رماه بسهم فأصاب ركبته فقتله (يعني أبا عامر).
  فقالت عمرة بنت دريد ترثيه:
  جزى عنّا الإله بني سليم ... وأعقبهم بما فعلوا عقاق(١)
  وأسقانا إذا سرنا إليهم ... دماء خيارهم يوم التّلاقي
  فربّ منوّه بك من سليم ... أجيب وقد دعاك بلا رماق(٢)
  وربّ كريمة أعتقت منهم ... وأخرى قد فككت من الوثاق
  وقالت عمرة ترثيه أيضا:
  قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا ... وظلّ دمعي على الخدّين يبتدر(٣)
  لولا الذي قهر الأقوام كلَّهم ... رأت سليم وكعب كيف تأتمر
  إذا لصبّحهم غبّا وظاهرة(٤) ... حيث استقرّ نواهم جحفل ذفر(٥)
  استحثه قومه على الأخذ بثأر أخيه خالد من بني الحارث فقال شعرا وأجابه عبد اللَّه بن عبد المدان:
  ونسخت من كتاب مترجم بأنه نسخ من نسخة عمرو بن أبي عمرو الشّيبانيّ يأثره عن أبيه قال قال محمد بن السّائب الكلبيّ:
  كان دريد بن الصّمّة يوما يشرب مع نفر من قومه، فقالوا له: يا أبا ذفافة - وكان يكنى بأبي ذفافة وبأبي قرّة - أينجو بنو الحارث بن كعب منك وقد قتلوا / أخاك خالدا!؟ فقال لهم: إنّ القوم جمرة(٦) مذحج، وهم أكفاء جشم، ولا يجمل بي هجاؤهم. فأحفظوه بكثرة القول وأغضبوه، فقال:
  يا بني الحارث أنتم معشر ... زندكم وار وفي الحرب بهم(٧)
(١) في «لسان العرب» و «السيرة لابن هشام»: «وعقتهم» بدل «وأعقبهم». وعقاق (بالبناء على الكسر): العقوق.
(٢) الرماق من العيش: البلغة والقليل يمسك الرمق.
(٣) في أ، م: «ينحدر». وفي «سيرة ابن هشام» «فظل دمعي على السربال ينحدر».
(٤) كذا في «السيرة» لابن هشام. وقد جاء في «لسان العرب» (في مادة «غبب»): «ومن كلامهم لأضربنك غب الحمار وظاهرة الفرس؛ فغب الحمار أن يرعى يوما ويشرب يوما، وظاهرة الفرس أن يشرب كل يوم نصف النهار». وفي الأصول: «عنا وظاهرهم» وهو تحريف.
(٥) كذا في «السيرة». والذفر: المتغير الرائحة؛ يقال: كتيبة ذفرا. أي إنها سهكة من الحديد وصدئه. وفي الأصول «زفر» بالزاي وهو تحريف.
(٦) يقال: بنو فلان جمرة، إذا كانوا أهل منعة وشدّة. والجمرة: كل قوم يصبرون لقتال من قاتلهم لا يخالفون أحدا ولا ينضمون إلى أحد، تكون القبيلة نفسها جمرة تصبر لفراغ القبائل، كما صبرت عبس لقبائل قيس. قال أبو عبيدة: جمرات العرب ثلاثة بنو ضبة بن أد، وبنو الحارث بن كعب، وبنو نمير بن عامر، وطفئت منهم جمرتان: طفئت ضبة لأنها حالفت الرباب، وطفئت بنو الحارث لأنها حالفت مذحج، وبقيت نمير لم تطفأ لأنها لم تحالف.
(٧) بهم: جمع بهمة وهو الشجاع.