أخبار دريد بن الصمة ونسبه
  ولكم خيل عليها فتية ... كأسود الغاب يحمين الأجم
  ليس في الأرض قبيل مثلكم ... حين يرفضّ العدا غير جشم
  لست للصّمّة إن لم آتكم ... بالخناذيذ(١) تبارى في اللَّجم
  فتقرّ العين منكم مرّة ... بانبعاث الحرّ نوحا تلتدم(٢)
  وترى نجران منكم بلقعا ... غير شمطاء وطفل قد يتم
  فانظروها كالسّعالي(٣) شزّبا ... قبل رأس الحول إن لم أخترم
  قال: فنمي قوله إلى عبد اللَّه بن عبد المدان، فقال يجيبه:
  نبّئت أنّ دريدا ظلّ معترضا ... يهدي الوعيد إلى نجران من حضن(٤)
  / كالكلب يعوي إلى بيداء مقفرة ... من ذا يواعدنا بالحرب لم يحن(٥)
  إن تلق حيّ بني الدّيّان تلقهم ... شمّ الأنوف إليهم عزّة(٦) اليمن
  ما كان في الناس للدّيّان من شبه ... إلَّا رعين وإلَّا آل ذي يزن
  / أغمض جفونك عمّا لست نائله ... نحن الذين سبقنا الناس بالدمن
  نحن الذين تركنا خالدا عطبا ... وسط العجاج كأنّ المرء لم يكن
  إن تهجنا تهج أنجادا شرامحة(٧) ... بيض الوجوه مرافيدا على الزمن
  أورى زياد لنا زندا ووالدنا ... عبد المدان وأورى زنده قطن(٨)
  رده أسماء بن زنباع عن ظعينته زينب وطعنه فأصاب عينه:
  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا أبو بكر العامريّ عن ابن الأعرابيّ قال:
  أغار دريد بن الصّمّة في نفر من أصحابه، فمرّوا بأسماء بن زنباع الحارثي ومعه ظعينته زينب، فأحاطوا به لينتزعوها في يده، فقاتلهم دونها فقتل منهم وجرح، ثم اختلف هو ودريد طعنتين: فطعنه دريد فأخطأه، وطعنه أسماء فأصاب عينه، وانهزم دريد ولحق بأصحابه؛ فقال دريد في ذلك:
  شلَّت يميني ولا أشرب معتّقة ... إذ أخطأ الموت أسماء بن زنباع
  قال: وهي قصيدة.
(١) الخناذيذ: جياد الخيل، واحدها خنذيذ.
(٢) تلتدم: تضرب صدرها في النياحة.
(٣) السعالي: الغيلان، واحدها سعلاة. والشزب: جمع شازب وهو الضامر.
(٤) حضن: جبل بنجد.
(٥) لم يحن: لم يهلك.
(٦) في الأصول: «غرة» بالراء المهملة وهو تصحيف.
(٧) الشرامحة: جمع شرمح وهو القوي والطويل.
(٨) في هذا البيت إقواء وهو اختلاف حركة الروي.