كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إبراهيم بن العباس ونسبه

صفحة 273 - الجزء 10

  قصة عشقه لقينة وانكماشه لتأخرها وشعره فيها:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: كان إبراهيم بن العباس يهوى قينة بسرّ من رأى، فكان لا يكاد يفارقها. فجلس يوما للشرب ومعه إخوان له، ودعا جماعة من جواري القيان، ودعاها فأبطأت، فتنغّص عليهم يومهم لما رأوا من شغل قلبه بتأخّرها، ثم وافت فسرّي عنه وطابت نفسه وشرب وطرب، ثم دعا بدواة فكتب:

  ألم ترنا يومنا إذ نأت ... فلم تأت من بين أترابها

  وقد غمرتنا دواعي السرور ... بإشعالها وبإلها بها

  / ومدّت علينا سماء النعيم ... وكلّ المنى تحت أطنابها⁣(⁣١)

  ونحن فتور إلى أن بدت ... وبدر الدّجى بين أثوابها

  فلمّا نأت كيف كنّا لها ... ولمّا دنت كيف صرنا بها

  وأمر من حضر فقرأ عليها الأبيات؛ فتجنّت وقالت: ما القصّة كما وصفت، وقد كنتم في قصفكم مع من حضر. وإنما تجمّلتم لي لمّا حضرت. فأنشأ يقول:

  يا من حنيني إليه ... ومن فؤادي لديه

  / ومن إذا غاب من بي ... نهم أسفت عليه

  إذا حضرت فما⁣(⁣١) من ... هم من اصبو إليه

  من غاب غيرك منهم ... فأمره في يديه

  قال: فرضيت عنه، وأتممنا يومنا على أحسن حال.

  أجازه دعبل في شعر:

  وقال محمد بن داود حدّثني محمد بن القاسم قال حدّثني إبراهيم بن المدبّر قال حدّثني إبراهيم بن العباس - قال حدّثني به دعبل أيضا فكانا متفقين في الرواية - قال: كنّا نطلب جميعا بالشعر، فخرجنا وكنا في محمل، فابتدأت أقول في المطَّلب بن عبد اللَّه بن مالك:

  أمطَّلب أنت مستعذب

  فقال دعبل:

  لسمّ الأفاعي ومستقتل

  فقلت:

  فإن أشف منك تكن سبّة

  فقال دعبل:


(١) الأطناب: جمع طنب: وهو حبل طويل يشدّ به سرادق البيت.