كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إبراهيم بن العباس ونسبه

صفحة 286 - الجزء 10

  صوت

  فلو كان للشكر شخص يبين ... إذا ما تأمّله النّاظر

  لمثّلته لك حتى تراه ... فتعلم أنّي امرؤ شاكر

  الغناء لأبي العبيس ثقيل أوّل. وفيه لرذاذ ثاني ثقيل. حدّثني أبو يعقوب إسحاق بن يعقوب النّوبختيّ قال حدّثني جماعة من عمومتي وأهلنا أن رذاذا صنع في هذين البيتين لحنا أعجب به الناس واستحسنوه، فلما كثر ذلك صنع فيه أبو العبيس لحنا آخر، فسقط لحن رذاذ واختار الناس لحن أبي العبيس.

  مدح المتوكل وولاة العهود فأجازوه:

  أخبرني حنظلة قال حدّثني ميمون بن هارون قال:

  لمّا عقد المتوكَّل لولاة العهود من ولده ركب بسرّ من رأى ركبة لم ير أحسن منها، وركب ولاة العهود بين يديه، والأتراك بين أيديهم أولادهم يمشون بين يدي المتوكَّل بمناطق الذهب، في أيديهم الطَّبرزينات⁣(⁣١) المحلَّاة بالذّهب، ثم نزل في الماء فجلس فيه والجيش معه في الجوانحيّات⁣(⁣٢) وسائر السفن، وجاء حتى نزل في القصر الذي يقال له العروس، وأذن للناس فدخلوا إليه. فلما تكاملوا بين يديه، مثل إبراهيم بن العبّاس بين الصفّين، فاستأذن في الإنشاد فأذن له، فقال:

  ولمّا بدا جعفر في الخمي ... س بين المطلّ⁣(⁣٣) وبين العروس

  بدا لا بسا بهما حلَّة ... أزيلت بها طالعات النّحوس

  ولمّا بدا بين أحبابه ... ولاة العهود وعزّ النفوس

  غدا قمرا بين أقماره ... وشمسا مكلَّلة بالشموس

  لإيقاد نار وإطفائها ... ويوم أنيق ويوم عبوس

  ثم أقبل على ولاة العهود فقال:

  أضحت عرى الإسلام وهي منوطة ... بالنّصر والإعزاز والتأييد

  بخليفة من هاشم وثلاثة ... كنفوا الخلافة من ولاة عهود

  قمر توافت حوله أقماره ... فحففن مطلع سعده بسعود

  رفعتهم الأيام وارتفعوا به ... فسعوا بأكرم أنفس وجدود

  قال: فأمر له المتوكَّل بمائة ألف درهم، وأمر له ولاة العهود بمثلها.


(١) الطبرزين: آلة من السلاح تشبه الطبر (الفأس) أو هو الطبر بعينه. وهذا أصح لأن أصل معناه الطبر المعلق في السرج. فالفرس كان من عادتهم أن يعلقوا الطبر في السروج. (كتاب «الألفاظ الفارسية المعربة»).

(٢) الجوانحيات: نوع من السفن كما هو ظاهر من السياق.

(٣) المطل: اسم مكان أو قصر، كما هو ظاهر من السياق. ولم نقف عليه فيما بين أيدينا من معجمات البلدان.