كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه

صفحة 299 - الجزء 10

  الناس يخدعون في أشعارهم، وأنشده قوله:

  طرقتك زائرة فحيّ خيالها ... بيضاء تخلط بالجمال دلالها

  فقال له: أنت أشعر من الأعشى في قوله:

  رحلت سميّة غدوة أجمالها

  / فقال له مروان: أتبلغ بي الأعشى هكذا! ولا كلّ ذا! قال: ويحك! إنّ الأعشى قال في قصيدته هذه:

  فأصاب حبّة قلبها وطحالها

  والطَّحال ما دخل قطَّ في شيء إلا أفسده، وأنت قصيدتك سليمة كلَّها. فقال له مروان: إني إذا أردت أن أقول القصيدة رفعتها في حول، أقولها في أربعة أشهر، وأنتخلها⁣(⁣١) في أربعة أشهر، وأعرضها في أربعة أشهر.

  عرض شعرا له على يونس فمدحه وفضله على شعر للأعشى:

  وأخبرني بهذا الخبر هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا عيسى بن إسماعيل عن محمد بن سلَّام قال أبو دلف هاشم بن محمد وحدّثني به الرّياشيّ عن الأصمعي قال:

  جاء مروان بن أبي حفصة إلى حلقة يونس، / فسلَّم ثم قال لنا: أيّكم يونس؟ فأومأنا إليه. فقال له:

  أصلحك اللَّه! إني أرى قوما يقولون الشعر، لأن يكشف أحدهم سوءته ثم يمشي كذلك في الطريق أحسن له من أن يظهر مثل ذلك الشعر. وقد قلت شعرا أعرضه عليك، فإن كان جيّدا أظهرته، وإن كان رديئا سترته. فأنشده قوله:

  طرقتك زائرة فحيّ خيالها

  فقال له يونس: يا هذا اذهب فأظهر هذا الشعر فأنت واللَّه فيه أشعر من الأعشى في قوله:

  رحلت سميّة غدوة أجمالها

  فقال له مروان: سررتني وسؤتني. فأمّا الذي سررتني به فارتضاؤك الشعر. وأمّا الذي ساءني فتقديمك إيّاي على الأعشى وأنت تعرف محلَّه. فقال: إنما قدّمتك عليه في تلك القصيدة لا في شعره كلَّه لأنه قال فيها:

  فأصاب حبّة قلبها وطحالها

  والطَّحال لا يدخل في شيء إلَّا أفسده، وقصيدتك سليمة من هذا وشبهه.

  قال الأصمعي إنه مولد ولا علم له باللغة:

  أخبرني هاشم بن محمد قال حدّثني العبّاس بن ميمون طائع قال:

  سمعت الأصمعيّ ذكر مروان بن أبي حفصة فقال: كان مولَّدا، لم يكن له علم باللغة.

  أنشد شعر جماعة من الشعراء فقال عن كل واحد منهم إنه أشعر الناس:

  أخبرني هاشم بن محمد قال حدّثني أحمد بن عبيد اللَّه عن العتبيّ قال حدّثني بعض أصحابنا قال:


(١) في الأصول: «أنتحلها» بالحاء المهملة وهو تصحيف.