كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه

صفحة 303 - الجزء 10

  ألست القائل في معن بن زائدة! وأنشده البيتين اللَّذين أنشده إيّاهما المهديّ، ثم قال: خذوا بيده فأخرجوه، لا شيء لك عندنا، فأخرج. فلما كان بعد ذلك بأيام تلطَّف حتى دخل؛ فأنشده قصيدته التي يقول فيها:

  /

  لعمرك ما أنسى غداة المحصّب ... إشارة سلمى بالبنان المخضّب

  وقد صدر الحجّاج إلَّا أقلَّهم ... مصادر شتى موكبا بعد موكب

  قال: فأعجبته، فقال: كم قصيدتك من بيت؟ فقال: ستون أو سبعون. فأمر له بعدد أبياتها ألوفا. فكان ذلك رسم مروان عندهم حتى مات.

  مدح المهدي في الرصافة فأجازه:

  أخبرني عمّي قال حدّثني الفضل بن محمد اليزيديّ عن إسحاق قال:

  دخل مروان بن أبي حفصة على المهديّ في أوّل سنة قدم عليه. قال: فدخلت عليه في قصره بالرّصافة فأنشدته قولي فيه:

  أمرّو أحلى ما بلا الناس طعمه ... عذاب أمير المؤمنين ونائله

  فإنّ طليق اللَّه من أنت مطلق ... وإنّ قتيل اللَّه من أنت قاتله

  كأنّ أمير المؤمنين محمدا ... أبو جعفر في كلّ أمر يحاوله

  قال: فأعجب بها، وأمر لي بمال عظيم؛ فكانت تلك الصلة أوّل صلة سنيّة وصلت إليّ في أيام بني هاشم.

  مدح المهدي وذم عنده يعقوب بن داود فأجازه من خالص ماله:

  أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني محمد بن عبد اللَّه العبديّ الراوية قال حدّثني حسين بن الضحّاك قال حدّثني مروان بن أبي حفصة قال:

  دخلت على المهديّ في قصر⁣(⁣١) السلام، فلما سلَّمت عليه، وذلك بعقب سخطه على يعقوب⁣(⁣٢) بن داود، قلت⁣(⁣٣): يا أمير المؤمنين إنّ يعقوب رجل رافضيّ وإنه سمعني أقول في الوراثة:

  أنّى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام

  فذلك الذي حمله على عداوتي. ثم أنشدته:

  كأنّ أمير المؤمنين محمدا ... لرأفته بالناس للناس والد

  على أنه من خالف الحقّ منهم ... سقته يد الموت الحتوف الرّواصد

  ثم أنشدته:


(١) كذا في الأصول. والذي في كتابي ما يعول عليه في «المضاف والمضاف إليه» و «معجم البلدان» لياقوت أن قصر السلام من أبنية الرشيد بن المهدي بالرقة. والذي بناه المهدي هو قصر السلامة وهو القصر الذي بناه بالآجر في عيساباذ الكبرى (انظر «تاريخ الطبري» ق ٣ ص ٥٠٢، ٥١٧).

(٢) هو يعقوب بن داود السلمي، كان وزير للمهدي ثم غضب عليه وسجنه في المطبق وما زال به حتى أيام هارون الرشيد. وقد ذكره أبو الفرج في ترجمة بشار بن برد في «الأغاني» (ج ٣ من هذه الطبعة).

(٣) في الأصول: «فقلت».