بعض أخبار إبراهيم بن المهدي
  حتى وثب فأخذ طرف ثوب إبراهيم فقبّله. فنظر إليه المأمون منكرا لفعله. فقال / ما تنظر! أقبّله واللَّه ولو قتلت عليه! فتبسّم المأمون وقال: أبيت إلَّا ظرفا.
  أراد الحسن بن سهل أن يضع منه فعرض هو به:
  قال آبن أبي طاهر وحدّثني عليّ بن محمد قال سمعت بعض أصحابنا يقول:
  اجتمع إبراهيم بن المهديّ والحسن بن سهل عند المأمون؛ فأراد الحسن أن يضع(١) من إبراهيم فقال له: يا أبا إسحاق أيّ صوت تغنّيه العرب أحسن؟ يريد بذلك أن يشهّر إبراهيم بالغناء والعلم به. فقال إبراهيم: بيت الأعشى:
  تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت
  أي إنك موسوس، وكان بالحسن شيء من هذا.
  غنت مغنية بحضرته فداعبها:
  أخبرني عمّي عن جدّي عن عليّ بن يحيى المنجّم قال:
  غنّت مغنّية وإبراهيم بن المهديّ حاضر:
  من رأى نوقا غدت سحرا
  فقال إبراهيم: أنا رأيت هذا. قيل له: وأين رأيته أيها الأمير؟ قال: رأيت ولد عليّ بن ريطة يمضون في السّحر إلى الصيد.
  سمعته رومية أعجمية فبكت تأثرا من صوته:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثني الحسن بن عليل العنزيّ قال حدّثني بعض الكتّاب عن ريّق قالت:
  / خرجت يوما إلى سيّدي (تعني إبراهيم بن المهديّ) وقد صنع لحنه في:
  وإذا تباع كريمة أو تشترى ... فسواك بائعها وأنت المشتري
  وإذا صنعت صنيعة أتممتها ... بيدين ليس نداهما بمكدّر
  وجارية لنا روميّة أعجميّة لا تفصح في أقصى الدار تكنس، وهو يطرح الصوت على شارية، والأعجميّة تبكي أحرّ بكاء سمعته قطَّ، فجعلت أعجب من بكائها وأنظر إليها حتى سكت، فلما سكت قطعت البكاء، فعلمت أنّ هذا من غلبته بحسن صوته لكلّ طبع فصيح وأعجميّ.
  غنى الأمين صوتا فأجازه:
  أخبرني الحسين بن يحيى وابن المكَّيّ وابن أبي الأزهر عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:
  غنّى إبراهيم بن المهديّ ليلة محمدا الأمين صوتا لم أرضه في شعر لأبي نواس وهو:
  يا كثير النّوح في الدّمن ... لا عليها بل على السّكن
  سنّة العشّاق واحدة ... فإذا أحببت فاستكن
(١) في ب، س: «يسمع» وهو تحريف.