بعض أخبار إبراهيم بن المهدي
  ظنّ بي من قد كلفت به ... فهو يجفوني على الظَّنن
  رشأ لولا ملاحته ... خلت الدّنيا من الفتن
  فأمر له بثلاثمائة ألف درهم(١). قال إسحاق فقال إبراهيم له: يا أمير المؤمنين قد أجزتني إلى هذه الغاية بعشرين ألف(٢) درهم، فقال: هل هي إلا خراج بعض الكور!. هكذا ذكر إسحاق. وقد روى محمد بن الحارث بن بسخنّر هذه الحكاية عن إبراهيم فقال: لمّا أردت الانصراف قال: أوقروا زورق عمّي دنانير، فانصرفت بمال جليل.
  كان يحسن الإيقاع على الطبل والناي:
  أخبرني أبو الحسن عليّ بن هارون قال ذكر لي أبو عبد اللَّه الهشاميّ عن أهله قال قال إبراهيم بن المهديّ - وقد خرج إلى ذكر الطَّبل والإيقاع به - فقال إبراهيم:
  / هو من الآلات التي لا يجوز أن تبلغ نهايتها. فقيل له: وكيف خصّ الطَّبل بذلك؟ فقال: لأن عمل اليدين فيه عمل واحد، ولا بدّ من أن يلحق اليسار فيه نقص عن اليمين، ودعا بالطَّبل ليرينا كيف ذلك فأوقع إيقاعا لم نكن نظنّ أن مثله يكون، وهو مع ذلك يرينا موضع زيادة اليمين على اليسار. قال وقال له الأمين في بعض خلواته: يا عمّ أشتهي أن أراك تزمر. فقال: يا أمير المؤمنين، ما وضعت على فمي نايا قطَّ ولا / أضعه، ولكن يدعو أمير المؤمنين بفلانة - من موالي المهديّ - حتى تنفخ في النّاي وأمرّ يدي عليه. فأحضرت ووضعت النّاي على فيها وأمسكه إبراهيم، فكلما مرّ الهواء أمرّ أصابعه، فأجمع سائر من حضر أن لم يسمع مثله قطَّ.
  حسن ترجيعه في لحن:
  وأخبرني أبو الحسن عليّ بن هارون أيضا قال حدّثني أبي قال حدّثني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه وأبو عبد اللَّه الهشاميّ قالا:
  كان إبراهيم بن المهديّ إذا غنّى لحنه:
  هل تطمسون من السماء نجومها ... بأكفّكم أو تسترون هلالها
  فبلغ إلى قوله:
  جبريل بلَّغها النبيّ فقالها
  هزّ حلقه فيه ورجّعه ترجيعا تتزلزل منه الأرض.
  غنت متيم الهشامية لحنا فاختلس إيقاعه منها:
  أخبرني محمد بن إبراهيم قريض قال حدّثني عبد اللَّه بن المعتزّ قال حدّثني الهشاميّ قال:
  كانت متيّم الهشاميّة ذات يوم جالسة بين يدي المعتصم ببغداد وإبراهيم بن المهديّ حاضر، فتغنّت متيّم في الثقيل الأوّل:
(١) في ب، س: «دينار».
(٢) في ب، س: بعشرين ألف ألف درهم هل هي إلخ.