كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي النجم ونسبه

صفحة 349 - الجزء 10

  وأوجعي بالفهر⁣(⁣١) ركبتيها ... ومرفقيها واضربي جنبيها

  / وظاهري النّذر لها عليها ... لا تخبري الدّهر به ابنتيها

  قال: فضحك هشام حتى بدت نواجذه وسقط على قفاه. فقال: ويحك! ما هذه وصيّة يعقوب ولده! فقال: وما أن كيعقوب يا أمير المؤمنين. قال: فما قلت للثالثة؟ قال قلت:

  أوصيك يا بنتي فإني ذاهب ... أوصيك أن تحمدك القرائب

  والجار والضيف الكريم السّاغب ... لا يرجع المسكين وهو خائب

  / ولا تني أظفارك السّلاهب⁣(⁣٢) ... منهنّ في وجه الحماة كاتب ... والزوج إنّ الزوج بئس الصاحب

  قال: فكيف قلت لها هذا ولم تتزوّج؟ وأيّ شيء قلت في تأخير تزويجها؟ قال قلت فيها:

  كأنّ ظلَّامة أخت شيبان ... يتيمة ووالداها حيّان

  الرأس قمل كلَّه وصئبان⁣(⁣٣) ... وليس في الساقين إلَّا خيطان ... تلك التي يفزع منها الشيطان

  قال: فضحك هشام حتى ضحك النساء لضحكه، وقال للخصيّ: كم بقي من نفقتك؟ قال: ثلاثمائة دينار.

  قال: أعطه إيّاها ليجعلها في رجل ظلَّامة مكان الخيطين.

  كان أسرع الناس بديهة:

  وقال الأصمعيّ أخبرني عمّي وأخبرني ببعض هذا الحديث ابن بنت أبي النّجم أنّ أبا النّجم قال:

  الحمد للَّه الوهوب المجزل

  في قدر ما يمشي الإنسان من مسجد الأشياخ إلى حاتم الجزّار. ومقدار ما بينهما غلوة⁣(⁣٤) أو نحوها.

  قال: وكان أسرع الناس بديهة.

  سئل الأصمعي أي الرجز أحسن وأجود فقال رجز أبي النجم:

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا أبو أيوب المدينيّ قال حدّثنا أبو الأسود النوجشاني⁣(⁣٥) قال:

  مرّ أبي بالأصمعي وأنا عنده فقال له: يا أبا سعيد أيّ الرّجز أحسن وأجود؟ قال: رجز أبي النّجم.

  سأله هشام بن عبد الملك عن رأيه في النساء فأجابه:


(١) الفهر: الحجر يملأ الكف.

(٢) السلاهب: الطويلة.

(٣) الصئبان: جمع صؤابة وهي بيضة القمل.

(٤) الغلوة: رمية سهم أبعد ما يقدر عليه، ويقال: هي قدر ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة.

(٥) كذا في الأصول. ولم نقف على هذه النسبة فيما لدينا من كتب «الأنساب». والظاهر أنها محرفة عن «النوشجاني» نسبة إلى نوشجان بلدة بفارس.