أخبار أبي النجم ونسبه
  وأوجعي بالفهر(١) ركبتيها ... ومرفقيها واضربي جنبيها
  / وظاهري النّذر لها عليها ... لا تخبري الدّهر به ابنتيها
  قال: فضحك هشام حتى بدت نواجذه وسقط على قفاه. فقال: ويحك! ما هذه وصيّة يعقوب ولده! فقال: وما أن كيعقوب يا أمير المؤمنين. قال: فما قلت للثالثة؟ قال قلت:
  أوصيك يا بنتي فإني ذاهب ... أوصيك أن تحمدك القرائب
  والجار والضيف الكريم السّاغب ... لا يرجع المسكين وهو خائب
  / ولا تني أظفارك السّلاهب(٢) ... منهنّ في وجه الحماة كاتب ... والزوج إنّ الزوج بئس الصاحب
  قال: فكيف قلت لها هذا ولم تتزوّج؟ وأيّ شيء قلت في تأخير تزويجها؟ قال قلت فيها:
  كأنّ ظلَّامة أخت شيبان ... يتيمة ووالداها حيّان
  الرأس قمل كلَّه وصئبان(٣) ... وليس في الساقين إلَّا خيطان ... تلك التي يفزع منها الشيطان
  قال: فضحك هشام حتى ضحك النساء لضحكه، وقال للخصيّ: كم بقي من نفقتك؟ قال: ثلاثمائة دينار.
  قال: أعطه إيّاها ليجعلها في رجل ظلَّامة مكان الخيطين.
  كان أسرع الناس بديهة:
  وقال الأصمعيّ أخبرني عمّي وأخبرني ببعض هذا الحديث ابن بنت أبي النّجم أنّ أبا النّجم قال:
  الحمد للَّه الوهوب المجزل
  في قدر ما يمشي الإنسان من مسجد الأشياخ إلى حاتم الجزّار. ومقدار ما بينهما غلوة(٤) أو نحوها.
  قال: وكان أسرع الناس بديهة.
  سئل الأصمعي أي الرجز أحسن وأجود فقال رجز أبي النجم:
  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا أبو أيوب المدينيّ قال حدّثنا أبو الأسود النوجشاني(٥) قال:
  مرّ أبي بالأصمعي وأنا عنده فقال له: يا أبا سعيد أيّ الرّجز أحسن وأجود؟ قال: رجز أبي النّجم.
  سأله هشام بن عبد الملك عن رأيه في النساء فأجابه:
(١) الفهر: الحجر يملأ الكف.
(٢) السلاهب: الطويلة.
(٣) الصئبان: جمع صؤابة وهي بيضة القمل.
(٤) الغلوة: رمية سهم أبعد ما يقدر عليه، ويقال: هي قدر ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة.
(٥) كذا في الأصول. ولم نقف على هذه النسبة فيما لدينا من كتب «الأنساب». والظاهر أنها محرفة عن «النوشجاني» نسبة إلى نوشجان بلدة بفارس.