أخبار علية بنت المهدي ونسبها ونتف من أحاديثها
  عادها أخوها إبراهيم وكرر السؤال عنها فخجل من جوابها:
  حدّثني جحظة قال حدّثني أبو العبيس بن حمدون قال قال إبراهيم بن المهديّ:
  ما خجلت قطَّ خجلتي من عليّة أختي. دخلت عليها يوما عائدا فقلت: كيف أنت يا أختي جعلت فداءك وكيف حالك وجسمك؟ فقالت: بخير والحمد للَّه. ووقعت عيني على جارية كانت تذبّ عنها فتشاغلت بالنظر إليها فأعجبتني وطال جلوسي، ثم استحييت من عليّة فأقبلت عليها فقلت: وكيف أنت يا أختي جعلت فداءك وكيف حالك وجسمك؟ فرفعت رأسها إلى حاضنة لها وقالت: أليس هذا قد مضى مرّة وأجبنا عنه! فخجلت خجلا ما خجلت مثله قطَّ، وقمت وانصرفت.
  أمرها الرشيد بالغناء فغنته من وراء ستار وكان معه جعفر فعرفه بها:
  أخبرني عبد اللَّه بن الرّبيع الرّبيعيّ قال حدّثني أحمد بن إسماعيل عن محمد بن جعفر بن يحيى بن خالد قال:
  شهدت أبي جعفرا وأنا صغير وهو يحدّث يحيى بن خالد جدّي في بعض / ما كان يخبره به من خلواته مع الرّشيد، قال: يا أبت، أخذ بيدي أمير المؤمنين ثم أقبل على حجرة يخترقها حتى انتهى إلى حجرة مغلقة ففتحت له، ثم رجع من كان معنا من الخدم، ثم صرنا إلى حجرة مغلقة ففتحها بيده ودخلنا جميعا وأغلقها من داخل بيده، ثم صرنا إلى رواق ففتحه وفي صدره مجلس مغلق فقعد على باب المجلس، فنقر هارون الباب بيده نقرات فسمعنا حسّا، ثم أعاد النّقر فسمعنا صوت عود، ثم أعاد النّقر ثالثة فغنّت جارية ما ظننت واللَّه أنّ اللَّه خلق مثلها في حسن الغناء وجودة الضّرب. فقال لها أمير المؤمنين بعد أن غنّت أصوتا: غنّي صوتي، فغنّت صوته، وهو:
  صوت
  ومخنّث شهد الزّفاف وقبله ... غنّى الجواري حاسرا ومنقّبا
  لبس الدّلال وقام ينقر دفّه ... نقرا أقرّ به العيون وأطربا
  إنّ النساء رأينه فعشقنه ... فشكون شدّة ما بهنّ فأكذبا
  - في هذا اللحن خفيف رمل نسبه يحيى المكيّ إلى ابن سريج ولم يصحّ له، وفيه خفيف ثقيل في كتاب عليّة أنه لها، وذكر عبد اللَّه بن محمد بن عبد الملك الزيّات أنه لريّق. واللَّحن مأخوذ من:
  إنّ الرجال لهم إليك وسيلة
  وهو خفيف ثقيل للهذليّ، ويقال إنه لابن سريج، وهو يأتي في موضع آخر - قال: فطربت واللَّه طربا هممت معه أن أنطح برأسي الحائط. ثم قال غنّي:
  طال تكذيبي وتصديقي
  فغنّت:
  صوت
  طال تكذيبي وتصديقي ... لم أجد عهدا لمخلوق