أخبار علية بنت المهدي ونسبها ونتف من أحاديثها
  إنّ ناسا في الهوى غدروا ... أحدثوا(١) نقض المواثيق
  لا تراني بعدهم أبدا ... أشتكي عشقا لمعشوق
  - لحن عليّة في هذا الصوت هزج. والشعر لأبي جعفر محمد بن حميد الطَّوسيّ وله فيه لحن خفيف ثقيل. ولعريب فيه ثقيل أوّل وخفيف ثقيل آخر - قال: فرقص الرشيد ورقصت معه، ثم قال: امض بنا فإنّي أخاف أن يبدو منّا ما هو أكثر من هذا، فمضينا. فلما صرنا إلى الدّهليز قال وهو قابض على يدي: أعرفت هذه المرأة؟
  قال قلت: لا يا أمير المؤمنين. قال: فإني أعلم أنك ستسأل عنها ولا تكتم ذلك، وأنا أخبرك / أنها عليّة بنت المهديّ. وو اللَّه لئن لفظت به بين يدي أحد وبلغني لأقتلنّك. قال: فسمعت جدّي يقول له: فقد واللَّه لفظت به، وو اللَّه ليقتلنّك! فاصنع ما أنت صانع.
  نسبة الصوت الذي أخذ منه:
  ومخنّث شهد الزّفاف وقبله
  صوت
  إنّ الرجال لهم إليك وسيلة ... إن يأخذوك تكحّلي وتخضّبي
  وأنا امرؤ إن يأخذوني عنوة ... أقرن إلى سير الرّكاب وأجنب
  / ويكون مركبك القعود(٢) وحدجه ... وابن النّعامة يوم ذلك مركبي
  الناس يروون هذه الأبيات لعنترة بن شدّاد العبسيّ، وذكر الجاحظ أنها لخزز(٣) بن لوذان، وهو الصحيح.
  وخزر شاعر قديم يقال إنه قبل امرئ القيس. وقد اختلف في معنى قوله «ابن النعامة» فقال أبو عبيدة والأصمعيّ: النعامة فرسه وابنها ظلَّها. يقول: أقاد في الهاجرة إلى جنبها فيكون ظلَّي كالراكب لظلَّها. وقال أبو عمرو الشّيبانيّ: ابن النّعامة مقدّم رجله مما يلي الأصابع. يقول: فلا يكون لي مركب إلَّا رجلي. وقال خالد بن كلثوم: ابن النعامة الخشبة التي يصلب عليها. يقول: أقتل وأصلب فتكون الخشبة مركبي. واحتجّ من ذكر أنه يعنى ظلّ فرسه وأنه يكون كالراكب له بقول الشاعر:
  إذ ظلّ يحسب كلّ شيء فارسا ... ويرى نعامة ظلَّه فيحول
  قال: وابن النعامة: ظلّ كلّ شيء. وقد مضى هذا الصوت مفردا مع خبره في موضع آخر.
  أمرها الرشيد بالغناء فنظمت فيه شعرا وغنته به فطرب:
  أخبرني محمد بن يحيى قال حدّثنا أحمد بن يزيد المهلَّبيّ قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال:
  زار الرّشيد عليّة فقال لها: باللَّه يا أختي غنّيني. فقالت: وحياتك لأعملنّ فيك شعرا ولأعملنّ فيه لحنا، فقالت من وقتها:
(١) في ب، س: «حسنوا».
(٢) القعود: من الإبل ما اتخذه الراعي للركوب وحمل الزاد والمتاع. والحدج: مركب من مراكب النساء نحو الهودج والمحفة.
(٣) كذا في «القاموس» (في مادة «لوذ»). وفي الأصول: «حزن» وهو تحريف.