كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علية بنت المهدي ونسبها ونتف من أحاديثها

صفحة 365 - الجزء 10

  إنّ ناسا في الهوى غدروا ... أحدثوا⁣(⁣١) نقض المواثيق

  لا تراني بعدهم أبدا ... أشتكي عشقا لمعشوق

  - لحن عليّة في هذا الصوت هزج. والشعر لأبي جعفر محمد بن حميد الطَّوسيّ وله فيه لحن خفيف ثقيل. ولعريب فيه ثقيل أوّل وخفيف ثقيل آخر - قال: فرقص الرشيد ورقصت معه، ثم قال: امض بنا فإنّي أخاف أن يبدو منّا ما هو أكثر من هذا، فمضينا. فلما صرنا إلى الدّهليز قال وهو قابض على يدي: أعرفت هذه المرأة؟

  قال قلت: لا يا أمير المؤمنين. قال: فإني أعلم أنك ستسأل عنها ولا تكتم ذلك، وأنا أخبرك / أنها عليّة بنت المهديّ. وو اللَّه لئن لفظت به بين يدي أحد وبلغني لأقتلنّك. قال: فسمعت جدّي يقول له: فقد واللَّه لفظت به، وو اللَّه ليقتلنّك! فاصنع ما أنت صانع.

  نسبة الصوت الذي أخذ منه:

  ومخنّث شهد الزّفاف وقبله

  صوت

  إنّ الرجال لهم إليك وسيلة ... إن يأخذوك تكحّلي وتخضّبي

  وأنا امرؤ إن يأخذوني عنوة ... أقرن إلى سير الرّكاب وأجنب

  / ويكون مركبك القعود⁣(⁣٢) وحدجه ... وابن النّعامة يوم ذلك مركبي

  الناس يروون هذه الأبيات لعنترة بن شدّاد العبسيّ، وذكر الجاحظ أنها لخزز⁣(⁣٣) بن لوذان، وهو الصحيح.

  وخزر شاعر قديم يقال إنه قبل امرئ القيس. وقد اختلف في معنى قوله «ابن النعامة» فقال أبو عبيدة والأصمعيّ: النعامة فرسه وابنها ظلَّها. يقول: أقاد في الهاجرة إلى جنبها فيكون ظلَّي كالراكب لظلَّها. وقال أبو عمرو الشّيبانيّ: ابن النّعامة مقدّم رجله مما يلي الأصابع. يقول: فلا يكون لي مركب إلَّا رجلي. وقال خالد بن كلثوم: ابن النعامة الخشبة التي يصلب عليها. يقول: أقتل وأصلب فتكون الخشبة مركبي. واحتجّ من ذكر أنه يعنى ظلّ فرسه وأنه يكون كالراكب له بقول الشاعر:

  إذ ظلّ يحسب كلّ شيء فارسا ... ويرى نعامة ظلَّه فيحول

  قال: وابن النعامة: ظلّ كلّ شيء. وقد مضى هذا الصوت مفردا مع خبره في موضع آخر.

  أمرها الرشيد بالغناء فنظمت فيه شعرا وغنته به فطرب:

  أخبرني محمد بن يحيى قال حدّثنا أحمد بن يزيد المهلَّبيّ قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال:

  زار الرّشيد عليّة فقال لها: باللَّه يا أختي غنّيني. فقالت: وحياتك لأعملنّ فيك شعرا ولأعملنّ فيه لحنا، فقالت من وقتها:


(١) في ب، س: «حسنوا».

(٢) القعود: من الإبل ما اتخذه الراعي للركوب وحمل الزاد والمتاع. والحدج: مركب من مراكب النساء نحو الهودج والمحفة.

(٣) كذا في «القاموس» (في مادة «لوذ»). وفي الأصول: «حزن» وهو تحريف.