كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علية بنت المهدي ونسبها ونتف من أحاديثها

صفحة 367 - الجزء 10

  اشتاق الرّشيد إلى عمّتي عليّة بالرّقّة، فكتب إلى خالها يزيد بن منصور في إخراجها إليه فأخرجها. فقالت في طريقها:

  صوت

  اشرب وغنّ على صوت النّواعير ... ما كنت أعرفها لولا ابن منصور

  لولا الرجاء لمن أمّلت رؤيته ... ما جزت بغداد في خوف وتغرير

  وعملت فيه لحنا في طريقة الثقيل الأوّل.

  كانت مع الرشيد في الري فحنت إلى العراق بشعر فردها:

  أخبرني محمد بن يحيى قال: حدّثني أحمد بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا الهشاميّ أبو عبد اللَّه قال:

  لمّا خرج الرّشيد إلى الرّيّ أخذ أخته عليّة معه. فلمّا صار بالمرج⁣(⁣١) عملت شعرا وصاغت فيه لحنا في طريقة الرمل وغنّت به، وهو:

  صوت

  /

  ومغترب بالمرج يبكي لشجوه ... وقد غاب عنه المسعدون على الحبّ

  إذا ما أتاه الرّكب من نحو أرضه ... تنشّق يستشفي برائحة الرّكب

  فلمّا سمع الصّوت علم أنها قد اشتاقت إلى العراق وأهلها به فردّها.

  غنت الرشيد في يوم فطر:

  ونسخت من كتاب هارون بن محمد الزّيّات حدّثني بعض موالي أبي عيسى بن الرّشيد عن أبي عيسى: أن عليّة غنّت الرّشيد في يوم فطر:

  صوت

  طالت عليّ ليالي الصّوم واتّصلت ... حتى لقد خلتها زادت على الأبد

  شوقا إلى مجلس يزهى بصاحبه ... أعيذه بجلال الواحد الصّمد

  الغناء لعليّة ثاني ثقيل لا يشكّ فيه، وذكر بعض الناس أنه للواثق، وذكر آخرون أنه لعبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعي. والصحيح أنه لعليّة. وفيه لعريب ثقيل أوّل غنّته المعتمد يوم فطر فأمر لها بثلاثين ألف درهم.

  ضربت وكيلها سباعا وحبسته لخيانته فشفع فيه جيرانه فقالت شعرا:

  وقال ميمون بن هارون حدّثني أحمد بن يوسف أبو الجهم قال:

  كان لعليّة وكيل يقال له سباع، فوقفت على خيانته فضربته وحبسته، فاجتمع جيرانه إليها فعرّفوها جميل مذهبه وكثرة صدقه، وكتبوا بذلك رقعة، فوقّعت فيها:


(١) المرج: يريد به مرج القلعة، بينه وبين حلوان منزل إلى جهة همذان. كذا ذكر ياقوت في «معجمه» وذكر البيتين الواردين في هذه القصة.