كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي عيسى بن الرشيد ونسبه

صفحة 374 - الجزء 10

  طلب المأمون من أبي العتاهية أن يسليه عنه:

  أخبرني محمد بن يحيى قال حدّثنا الطَّبيب⁣(⁣١) بن محمد الباهليّ قال حدّثني موسى بن سعيد عن أخيه عمرو قال:

  لمّا مات / أبو عيسى بن الرشيد وجد عليه المأمون وجدا شديدا حتى امتنع من النّوم ولم يطعم شيئا.

  فدخل عليه أبو العتاهية، فقال له المأمون: حدّثني يا أبا إسحاق بحديث بعض الملوك ممن كان في مثل حالنا وفارقها. فقال: يا أمير المؤمنين، لبس سليمان بن عبد الملك أفخر ثيابه ومسّ أطيب طيبه وركب أفره خيله وتقدّم إلى جميع من معه أن يركب في مثل زيّه وأكمل سلاحه، ونظر في مرآته فأعجبته هيئته وحسنه، فقال: أنا الملك الشابّ، ثم قال لجارية له: كيف ترين؟ فقالت:

  أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان

  أنت خلو من العيوب وممّا ... يكره الناس غير أنّك فاني

  / فأعرض بوجهه، فلم تدر عليه الجمعة إلَّا وهو في قبره. قال: فبكى المأمون والناس، فما رأيت باكيا أكثر من ذلك اليوم. قال: وهذان البيتان لموسى شهوات.

  بعض أصواته:

  ومن غناء أبي عيسى وجيّد صنعته، والشعر له، وطريقته من الثقيل الثاني مطلق في مجرى البنصر. وذكر حبش أن فيه لحسين بن محرز أيضا صنعة من خفيف الرّمل:

  صوت

  رقدت عنك سلوتي ... والهوى ليس يرقد

  وأطار السّهاد نو ... مي فنومي مشرّد

  أنت بالحسن منك يا ... حسن الوجه تشهد

  وفؤادي بحسن وج ... هك يشقى ويكمد

  ومن غنائه أيضا وهو من صدور صنعته في شعر الأخطل - ولحنه من الثقيل الأوّل -:

  صوت

  إذا ما زياد علَّني ثم علَّني ... ثلاث زجاجات لهنّ هدير

  خرجت أجرّ الذيل حتى كأنني ... عليك أمير المؤمنين أمير

  ولإسحاق في هذا الشعر رمل بالبنصر عن عمرو.


(١) في ب، س: «الطيب».