أخبار عبد الله بن محمد ونسبه
  لا شيء أعجب عندي ... ممن يراك فيسلم
  فأمّا دير حنظلة الذي ذكره في شعره وفيه الغناء المذكور من صنعته متقدّما، فإنه دير بالجزيرة. أخبرني بخبره هاشم بن محمد أبو دلف الخزاعيّ قال حدّثنا الرّياشيّ قال أنشدني أبو المحلَّم لحنظلة بن أبي عفراء أحد بني حيّة الطائيّين وهم رهط أبي زبيد(١) ورهط إياس(٢) بن قبيصة:
  ومهما يكن ريب الزمان فإنني ... أرى قمر الليل المغرّب كالفتى
  يهلّ صغيرا ثم يعظم ضوءه ... وصورته حتى إذا ما هو استوى
  تقارب يخبو ضوءه وشعاعه ... ويمصح(٣) حتى يستسرّ فلا يرى
  / كذلك زيد المرء ثم انتقاصه ... وتكراره في دهره(٤) بعد ما مضى
  تصبّح أهل الدّار والدّار زينة(٥) ... وتأتي الجبال من شماريخها العلا
  فلا ذاغنى(٦) يرجئن عن فضل ماله ... وإن قال أخّرني وخذ رشوة أبى
  ولا عن فقير يأتخرن لفقره ... فتنفعه الشكوى إليهنّ إن شكا
  / قال: وكان حنظلة هذا قد تعبّد في الجاهليّة وتفكَّر في أمر الآخرة وتنصّر وبنى ديرا بالجزيرة؛ فهو الآن يعرف به يقال له دير حنظلة. وفيه يقول الشاعر:
  يا دير حنظلة المهيّج لي الهوى ... قد تستطيع دواء عشق العاشق
(١) هو حرملة بن المنذر بن معد يكرب الطائي، كان نصرانيا وهو ممن أدرك الجاهلية والإسلام. (انظر ترجمته في «الأغاني» ج ١١ ص ٢٤ طبع بلاق).
(٢) كان واليا لكسرى على الحيرة بعد قتله النعمان بن المنذر. (انظر «تاريخ ابن الأثير» ج ١ ص ٣٥٦ - ٣٦٩).
(٣) مصح: ذهب وانقطع.
(٤) في «معجم البلدان»: «في إثره».
(٥) في الأصول: «ريبة» والتصويب عن «معجم البلدان».
(٦) يلاحظ أن الضمائر في هذا البيت بعده متباينة، والمراد بها واحد هو الموت، فإذا كان ضمير جمع فالمراد المنايا.