كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن الجهم ونسبه

صفحة 386 - الجزء 10

  فلمّا أن بليت غدوا وراحوا ... عليّ أشدّ أسباب البلاء

  أبت أخطارهم أن ينصروني ... بمال أو بجاه أو ثراء

  وخافوا أن يقال لهم خذلتم ... صديقا فادّعوا قدم الجفاء

  تضافرت الرّوافض والنّصارى ... وأهل الاعتزال على هجائي

  - يعني بأهل الاعتزال عليّ بن يحيى المنجّم وقد كان بلغه عنه ذكر له: -

  وعابوني وما ذنبي إليهم ... سوى علمي بأولاد الزّناء

  / فبختيشوع يشهد لابن عمرو ... وعزّون لهارون المرائي

  وما الجذماء بنت أبي سمير ... بجذماء اللَّسان عن الخناء

  إذا ما عدّ مثلكم رجالا ... فما فضل الرجال على النساء

  عليكم لعنة اللَّه ابتداء ... وعودا في الصّباح وفي المساء

  / إذا سمّيتم للنّاس قالوا ... أولئك شرّ من تحت السّماء

  أنا المتوكَّليّ هوى ورأيا ... وما بالواثقيّة من خفاء

  وما حبس الخليفة لي بعار ... وليس بمؤيسي منه التنائي

  قال أبو الشبل شعره في الحبس كشعر عدي بن زيد:

  أخبرني عمّي قال حدّثنا محمد قال قال لي أبو الشّبل البرجميّ: ما شعر عليّ بن الجهم في الحبس بدون شعر عديّ بن زيد⁣(⁣١).

  حبسه المتوكل بسعاية جلسائه ونفاه إلى خراسان فعذبه طاهر بن عبد اللَّه فقال شعرا:

  أخبرني عمّي قال حدّثنا محمد قال:

  كان سبب حبس المتوكَّل عليّ بن الجهم أنّ جماعة من الجلساء سعوا به إليه وقالوا له: إنه يجمّش⁣(⁣٢) الخدم ويغمزهم، وإنّه كثير الطعن عليك والعيب لك والإزراء على أخلاقك؛ ولم يزالوا به يوغرون صدره عليه حتى حبسه؛ ثم أبلغوه عنه أنه هجاه. فنفاه إلى خراسان وكتب بأن يصلب إذا وردها يوما إلى الليل. فلما وصل إلى الشاذياخ⁣(⁣٣) حبسه طاهر بن عبد اللَّه بن طاهر بها، ثم أخرج فصلب يوما إلى الليل مجرّدا ثم أنزل. فقال في ذلك:

  لم ينصبوا بالشّاذياخ عشيّة ... الاثنين مسبوقا ولا مجهولا


(١) عدي بن زيد الشاعر حبسه النعمان، وله شعر في حبسه. (انظر ترجمته في الجزء الثاني ص ٩٧ وما بعدها من هذه الطبعة).

(٢) يجمش الخدم: يلاعبهم ويقرّصهم.

(٣) الشاذياخ: من ضواحي نيسابور أم بلاد خراسان، وكانت قديما بستانا لعبد اللَّه بن طاهر بن الحسين ملاصقا مدينة نيسابور، فبنى فيه دارا له، ثم أمر الجند بالبناء حوله فعمرت حتى اتصل بناؤها ببناء نيسابور وصارت من جملة محالها. (عن «معجم البلدان» لياقوت).