كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن الجهم ونسبه

صفحة 389 - الجزء 10

  أميل مع الذّمام على ابن أمّي ... وآخذ للصّديق من الشّقيق

  وإن ألفيتني حرّا مطاعا ... فإنّك واجدي عبد الصديق

  أفرّق بين معروفي ومنّي ... وأجمع بين مالي والحقوق

  فقال إبراهيم: كذب واللَّه عليّ بن الجهم وأثم. واللَّه لهذا الشعر أشهر⁣(⁣١) بإبراهيم بن العبّاس من إبراهيم بالعباس أبيه.

  قال المتوكل إنه كذاب وأثبت كذبه بكلامه له:

  أخبرني الحسن قال حدّثني ابن مهرويه قال حدّثنا إبراهيم بن المدبّر قال قال المتوكَّل:

  عليّ بن الجهم أكذب خلق اللَّه. حفظت عليه أنّه أخبرني أنه أقام بخراسان ثلاثين سنة، ثم مضت مدّة أخرى وأنسي ما أخبرني به، فأخبرني أنه أقام بالثغور ثلاثين سنة، ثم مضت مدّة أخرى وأنسي الحكايتين جميعا، فأخبرني أنه أقام بالجبل / ثلاثين سنة، ثم مضت مدّة أخرى فأخبرني أنه أقام بمصر والشأم ثلاثين سنة، فيجب أن يكون عمره على هذا وعلى التقليل مائة وخمسين سنة⁣(⁣٢)، وإنما يزاهي سنّه الخمسين سنة. فليت شعري أيّ فائدة له في هذا الكذب وما معناه فيه!

  عربد عليه بعض ولد علي بن هشام فهجاهم:

  أخبرني محمد بن إبراهيم قال حدّثنا عبد اللَّه بن المعتزّ، وحدّثني عمّي قال حدّثنا محمد بن سعد قال:

  اجتمع عليّ بن الجهم مع قوم من ولد عليّ بن هشام في مجلس، فعربد عليه بعضهم، فغضب وخرج من المجلس، واتّصل الشرّ بينهم حتى تقاطعوا وهجروه وعابوه واغتابوه. فقال يهجوهم:

  بني متيّم هل تدرون ما الخبر ... وكيف يستر أمر ليس يستتر

  حاجبتكم: من أبوكم يا بني عصب ... شتّى ولكنّما للعاهر الحجر

  قد كان شيخكم شيخا له خطر ... لكنّ أمّكم في أمرها نظر

  ولم تكن أمّكم - واللَّه يكلؤها - ... محجوبة دونها الحرّاس والسّتر

  كانت مغنّية الفتيان إن شربوا ... وغير ممنوعة منهم إذا سكروا

  وكان إخوانه غرّا غطارفة ... لا يمكن الشيخ أن يعصي إذا أمروا

  قوم أعفّاء إلَّا في بيوتكم ... فإنّ في مثلها قد تخلع العذر

  فأصبحت كمراح⁣(⁣٣) الشّول حافلة ... من كلّ لاقحة في بطنها درر


(١) في ب، س: «أشبه».

(٢) يلاحظ أن مجموع السنين التي ذكرها لا يبلغ مائة وخمسين.

(٣) في الأصول: «كمريح» والمراح: مأوى الإبل. والشول من النوق: التي خف لبنها وارتفع ضرعها وأتى عليها سبعة أشهر من يوم نتاجها أو ثمانية، فلم يبق في ضروعها إلا شول من اللبن أي بقية مقدار ثلث ما كانت تحلب حدثان (بكسر أوّله وسكون ثانيه) نتاجها. واحدتها شائلة، وهو جمع على غير قياس. وأما الناقة الشائل (بغير هاء) فهي اللاقح التي تشول بذنبها للفحل أي ترفعه، فذلك آية لقاحها، وترفع مع ذلك رأسها وتشمخ بأنفها، وهي حينئذ شامذ، وجمعها شوّل وشمذ. والمراد من البيت ظاهر.