أخبار علي بن الجهم ونسبه
  فجئتم عصبا من كلّ ناحية ... نوعا(١) مخانيث في أعناقها الكبر(٢)
  فواحد كسرويّ في قراطقه(٣) ... وآخر قرشيّ حين يختبر
  ما علم أمّكم من حلّ مئزرها ... ومن رماها بكم يأيّها القذر
  / قوم إذا نسبوا فالأم واحدة ... واللَّه أعلم بالآباء إذ كثروا
  لم تعرفوا الطَّعن إلَّا في أسافلكم ... وأنتم في المخازي فتية صبر
  أحببت إعلامكم إنّي بأمركم ... وأمر غيركم من أهلكم خبر
  تفكَّهون بأعراض الكرام وما ... أنتم وذكركم السادات يا عرر(٤)
  هذا الهجاء الذي تبقى مياسمه(٥) ... على جباهكم ما أورق الشّجر
  سعى عند المتوكل بندمائه وبلغه أنه هجاه فحبسه، وأحسن شعره في الحبس:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثني إبراهيم بن المدبّر قال:
  كتب صاحب الخبر إلى المتوكَّل أن الحسن بن عبد الملك بن صالح احترق فمات. فقال عليّ بن الجهم:
  قد بلغني أنّ العامل قتله وصانع صاحب الخبر حتى كتب بهذا. وكان يسعى بالجلساء إلى المتوكَّل فأبغضه وأمره بأن يلزم بيته، ثم بلغه أنه هجاه فحبسه. وأحسن شعر قاله في الحبس قصيدته التي أوّلها:
  قالت(٦) حبست فقلت ليس بضائري ... حبسي وأيّ مهنّد لا يغمد
  أو ما رأيت اللَّيث يألف غيله ... كبرا وأوباش السّباع تردّد
  والشمس لولا أنّها محجوبة ... عن ناظريك لما أضاء الفرقد
  والبدر يدركه السّرار(٧) فتنجلي ... أيّامه وكأنّه متجدّد
  / والغيث يحصره الغمام فما يرى ... إلَّا وريّقه يروع(٨) ويرعد
  والزاعبيّة(٩) لا يقيم كعوبها ... إلَّا الثّقاف(١٠) وجذوة تتوقّد
  والنار في أحجارها مخبوءة ... لا تصطلى إن لم تثرها الأزند
(١) كذا في الأصل أي وهما نوعا مخانيث ... إلخ، فسرهما في البيت الثاني، وإن كان مع ذلك يحتمل أنها حرفت عن كلمة على وزن فعل بضم أوله جمعا لأفعل، مثل نوك جمع أنوك أو نحو ذلك.
(٢) الكبر: الطبل. معرب.
(٣) القراطق: جمع قرطق وهو القباء.
(٤) العرر: جمع عرة وهو الرجل يكون شين القوم؛ يقال: فلان عرة أهله.
(٥) المياسم: جمع ميسم (بكسر الميم) وهو هنا أثر الوسم والجمع مواسم على الأصل باعتباره من وسم، ومياسم على اللفظ.
(٦) في ب، س: «قالوا».
(٧) السرار: (بالفتح والكسر) آخر أيام الشهر.
(٨) في الأصول: «يراع».
(٩) الزاعبية: رماح منسوبة إلى رجل من الخزرج يقال له زاعب كان يعمل الأسنة.
(١٠) الثقاف: آلة من خشب تسوّي بها الرماح.