أخبار علي بن الجهم ونسبه
  /
  والحبس ما لم تغشه لدنيّة ... شنعاء نعم المنزل المتورّد(١)
  بيت يجدّد للكريم كرامة ... ويزار فيه ولا يزور ويحمد
  لو لم يكن في الحبس إلَّا أنّه ... لا يستذلَّك بالحجاب الأعبد
  كم من عليل قد تخطَّاه الرّدى ... فنجا ومات طبيبه والعوّد
  يا أحمد بن أبي دواد إنّما ... تدعى لكلّ عظيمة يا أحمد
  أبلغ أمير المؤمنين فدونه ... خوض الرّدى ومخاوف لا تنفد
  أنتم بنو عمّ النبيّ محمد ... أولى بما شرع النبيّ محمّد
  ما كان من كرم فأنتم أهله ... كرمت مغارسكم وطاب المحتد
  أمن السّويّة يا بن عمّ محمد ... خصم تقرّبه وآخر تبعد
  إنّ الذين سعوا إليك بباطل ... حسّاد نعمتك التي لا تجحد
  شهدوا وغبنا عنهم فتحكَّموا ... فينا وليس كغائب من يشهد
  لو يجمع الخصماء عندك مجلس ... يوما لبان لك الطريق الأقصد
  فبأيّ جرم أصبحت أعراضنا ... نهبا تقسّمها اللئيم الأوغد
  دخل على المتوكل والطبيب يفحص علته وكانت جاريته قبيحة أغضبته فضربها ثم اغتم لذلك فقال هو في ذلك شعرا:
  أخبرني جعفر بن قدامة قال حدّثني حمّاد بن إسحاق قال قال لي أبو الفضل الرّبعيّ(٢) قال قال لي عليّ بن الجهم:
  دخلت على المتوكَّل وقد بلغني أنّه كلَّم قبيحة جاريته فأجابته بشيء أغضبه، فرماها بمخدّة فأصابت عينها فأثّرت فيها، فتأوّهت وبكت وبكى المعتزّ لبكائها؛ فخرج المتوكَّل وقد حمّ من الغمّ والغضب. فلما بصر بي دعاني وإذا الفتح(٣) يري بختيشوع القارورة ويشاوره فيها. فقال لي: قل يا عليّ في علَّتي هذه شيئا وصف أنّ الطبيب ليس يدري ما بي؛ فقلت:
  /
  تنكَّر حال علَّتي الطَّبيب ... وقال أرى بجسمك ما يريب
  جسست العرق منك فدلّ جسّي ... على ألم له خبر عجيب
  فما هذا الذي بك هات قل لي ... فكان جوابه منّي النّحيب
  وقلت أيا طبيب الهجر دائي ... وقلبي يا طبيب هو الكئيب
  فحرّك رأسه عجبا لقولي ... وقال الحب ليس له طبيب
(١) المتورد: الذي يورد ويزار مثل المورود. وفي ب، س: «المتودد» وهو تحريف.
(٢) في أ، م: «الربيعي».
(٣) هو الفتح بن خاقان وزير المتوكل ونديمه.