أخبار أبي دلامة ونسبه
  لفق رؤيا لتمار وأخذ منه تمرا:
  قال ابن النطَّاح: ومرّ أبو دلامة بتمّار بالكوفة فقال له:
  رأيتك أطعمتني في المنام ... قواصر(١) من تمرك البارحة
  / فأمّ العيال وصبيانها ... إلى الباب أعينهم طامحه
  فأعطاه جلَّتي(٢) تمر وقال له: إن رأيت هذه الرؤيا ثانية لم يصحّ تفسيرها. فأخذهما وانصرف.
  هنأ المهدي بقدومه من الري فملا حجره دراهم:
  وقال ابن النطَّاح:
  لمّا قدم المهديّ من الرّيّ دخل عليه أبو دلامة فأنشأ يقول:
  إنّي نذرت لئن رأيتك سالما ... بقرى العراق وأنت ذو وفر
  لتصلَّينّ على النبيّ محمد ... ولتملأنّ دراهما حجري
  فقال: ﷺ، وأمّا الدراهم فلا. فقال له: أنت أكرم من أن تفرّق بينهما ثم تختار أسهلهما. فأمر بأن يملأ حجره دراهم.
  ومثل هذا وإن لم يكن منه ما حدّثني به الحسن بن عليّ عن أحمد بن الحارث عن المدائنيّ قال:
  قدم المهلَّب من بعض غزواته، فلقيته عجوز من الأزد فقالت: أيّها الأمير، أسألك باللَّه والرّحم إلَّا وقفت فوقف، فدنت وقبّلت يده وقالت: هذا نذر كان عليّ، إنّي نذرت عليّ للَّه أن أقبّل يدك إن قدمت سالما وتهب لي أربعمائة درهم وجارية صغديّة تخدمني. فضحك وقال: أمّا نحن فقد وفّينا بنذرك؛ ادفعوا إليها ذلك، وإيّاك يا أمّاه وهذه النّذور؛ فليس كلّ أحد يفي لك بها وينشط لتحليلك منها.
  ضجر من الصوم والحر فكتب للمهدي شعرا فعجل جائزته:
  قال ابن النطَّاح:
  وصام الناس في سنة شديدة الحرّ على عهد المهديّ، وكان أبو دلامة يتنجّز جائزة أمر له المهديّ بها.
  فكتب إليه أبو دلامة رقعة يشكو فيها أذى الحرّ والصوم وهي:
  /
  أدعوك بالرّحم التي هي جمّعت ... في القرب بين قريبنا والأبعد
  إلَّا سمعت وأنت أكرم من مشى ... من منشد يرجو جزاء المنشد
  جاء الصيام فصمته متعبّدا ... أرجو رجاء الصائم المتعبّد
  ولقيت من أمر الصّيام وحرّه ... أمرين قيسا بالعذاب المؤصد(٣)
(١) قواصر: واحدها قوصرة، وهي وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البواري.
(٢) الجلة (بالضم): قفة كبيرة للتمر.
(٣) المؤصد: المطبق.