كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي دلامة ونسبه

صفحة 422 - الجزء 10

  أولى⁣(⁣١) له. أمّا ما سبق فلا حيلة فيه، والمستأنف فقد أمنه. وقد كان قال فيه:

  لعليّ بن صالح بن عليّ ... نسب لو يعينه بسماح

  وبنو مالك كثير ولكن ... ما لنا في بقائهم من فلاح

  غير فضل فإنّ للفضل فضلا ... مستبينا على قريش البطاح

  تخاصم إلى عافية القاضي وداعبه:

  أخبرني محمد بن أحمد عن محمد بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائنيّ قال:

  خاصم رجل أبا دلامة في داره، فارتفعا إلى عافية القاضي؛ فأنشأ أبو دلامة يقول:

  لقد خاصمتني دهاة الرّجال ... وخاصمتها سنة وافيه

  فما أدحض اللَّه لي حجّة ... ولا خيّب اللَّه لي قافيه

  ومن خفت من جوره في القضاء ... فلست أخافك يا عافيه

  فقال له عافية: أما واللَّه لأشكونّك إلى أمير المؤمنين ولأعلمنّه أنك هجوتني. قال: إذا يعزلك. قال: ولم؟

  قال: لأنّك لا تعرف المديح من الهجاء. فبلغ ذلك المنصور فضحك وأمر لأبي دلامة بجائزة.

  أمره المهدي بهجاء أحد الحضور فهجا نفسه:

  أخبرني محمد بن أحمد عن أحمد بن الحارث عن المدائنيّ قال:

  دخل أبو دلامة على المهديّ وعنده إسماعيل بن محمد وعيسى بن موسى والعبّاس بن محمد ومحمد بن إبراهيم الإمام وجماعة من بني هاشم. فقال له: أنا أعطي اللَّه عهدا لئن لم تهج واحدا ممّن في البيت لأقطعنّ لسانك - ويقال إنه قال: لأضربنّ عنقك - فنظر إليه القوم، فكلَّما نظر إلى واحد منهم غمزه بأنّ عليه رضاه. قال أبو دلامة: فعلمت أنّي قد وقعت وأنها عزمة من عزماته لا بدّ منها، فلم أر أحدا أحقّ بالهجاء منّي، ولا أدعى إلى السلامة من هجاء نفسي، فقلت:

  ألا أبلغ إليك أبا دلامة ... فليس من الكرام ولا كرامه

  إذا لبس العمامة كان قردا ... وخنزيرا إذا نزع العمامه

  جمعت دمامة وجمعت لؤما ... كذاك اللَّؤم تتبعه الدّمامه

  فإن تك قد أصبت نعيم دنيا ... فلا تفرح فقد دنت القيامة

  فضحك القوم ولم يبق منهم أحد إلَّا أجازه.

  قال شعرا في المهدي وعلي بن سليمان وقد خرجا للصيد فأصاب الأوّل وأخطأ الثاني:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير عن عمّه قال:


(١) أولى له: معناها: التهدد والتوعد.