أخبار أبي دلامة ونسبه
  /
  أحلاس(١) خيل اللَّه وهي مغيرة ... يخرجن من خلل الغبار الأكهب(٢)
  قال: فأمر له بدار يسكنها وكسوة ودراهم. وكانت الدار قريبة من قصره، فأمر بأن تزاد في قصره بعد ذلك لحاجة دعته إليها. فدخل عليه أبو دلامة فأنشده قوله:
  يا بن عمّ النبيّ دعوة شيخ ... قد دنا هدم داره ودماره
  فهو كالماخض التي اعتادها الطَّل ... ق فقرّت وما يقرّ قراره
  إن تحز عسره بكفّيك يوما ... فبكفّيك عسره ويساره
  أو تدعه فللبوار، وأنّى ... ولماذا وأنت حيّ بواره
  هل يخاف الهلاك شاعر قوم ... قدمت في مديحهم أشعاره
  لكم الأرض كلَّها فأعيروا ... شيخكم ما احتوى عليه جداره
  فكأن قد مضى وخلَّف فيكم ... ما أعرتم وأقفرت منه داره
  فاستعبر المنصور، وأمر بتعويضه دارا خيرا منها ووصله.
  عابه عند المهدي محرز ومقاتل ابنا ذؤال فهجاهما بحضرته:
  قال ابن النطَّاح:
  ودخل أبو دلامة على المهديّ وعنده محرز ومقاتل ابنا ذؤال يعاتبانه على تقريبه أبا دلامة ويعيبانه عنده.
  فقال أبو دلامة:
  ألا أيّها المهديّ هل أنت مخبري ... وإن أنت لم تفعل فهل أنت سائلي
  ألم ترحم اللَّحيين من لحيتيهما ... وكلتاهما في طولها غير طائل
  وإن أنت لم تفعل فهل أنت مكرمي ... بحلقهما من محرز ومقاتل
  فإن يأذن المهديّ لي فيهما أقل ... مقالا كوقع السيف بين المفاصل
  / وإلَّا(٣) تدعني والهموم تنوبني ... وقلبي من العجلين جمّ البلابل
  / فقال: أو آخذ لك منهما عشرة آلاف درهم يفديان بها أعراضهما منك؟ قال: ذلك إلى أمير المؤمنين.
  فأخذها له منهما وأمسك عنهما.
  مدح سعيد بن دعلج فأجازه:
  قال ابن النطَّاح:
  ودخل أبو دلامة على سعيد بن دعلج(٤) مولى بني تميم فقال:
(١) أحلاس الخيل هنا: الملازمون ظهورها.
(٢) الكهبة: غبرة مشربة سوادا.
(٣) فعل الشرط محذوف أي وإلا تفعل تدعني.
(٤) كان أميرا على شرطة البصرة وأحداثها لأبي جعفر المنصور، ثم ولي البحرين له أيضا وعزله بعد ذلك. وولي للمهدي طبرستان =