كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي دلامة ونسبه

صفحة 425 - الجزء 10

  إذا جئت الأمير فقل سلام ... عليك ورحمة اللَّه الرحيم

  وأمّا بعد ذاك فلي غريم ... من الأعراب قبّح من غريم

  غريم لازم بفناء بيتي ... لزوم الكلب أصحاب الرّقيم⁣(⁣١)

  له مائة عليّ ونصف أخرى ... ونصف النّصف في صكّ قديم

  دراهم ما انتفعت بها ولكن ... وصلت بها شيوخ بني تميم

  أتوني بالعشيرة يسألوني ... ولم أك في العشيرة باللَّئيم

  فضحك وأمر له بمائتين وخمسة وسبعين درهما وقال: ما أساء من أنصف، وقد كافأتك عن قومك وزدتك مائة

  داعب المنصور في جنازة بنت عمه حتى ضحك:

  أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير عن جعفر بن الحسين اللَّهبيّ عن عمّه مصعب:

  أنّ حمّادة بنت عيسى توفّيت وحضر المنصور جنازتها. فلمّا وقف على حفرتها قال لأبي دلامة: ما أعددت لهذه الحفرة؟ قال: بنت عمّك يا أمير المؤمنين حمّادة بنت عيسى يجاء بها الساعة فتدفن فيها. فضحك المنصور حتى غلب فستر وجهه.

  سأل الخيزران جارية فوعدته بها وأبطأت فاستنجزها بشعر، وقصة زوجته وابنه مع هذه الجارية:

  أخبرني عمّي ¦ قال حدّثنا محمد بن سعد الكرّانيّ قال قال أبو عمر حفص بن عمر العمريّ حدّثنا الهيثم قال:

  جحّت الخيزران، فلمّا خرجت صاح بها أبو دلامة. قالت: سلوه ما أمره. قالوا له: ما أمرك؟ فقال:

  أدنوني من محملها. قالت: أدنوه، فأدني. فقال: أيّتها السيّدة، إنّي شيخ كبير وأجرك فيّ عظيم. قالت: فمه.

  قال: تهبين لي جارية من جواريك تؤنسني وترفق بي وتريحني من عجوز عندي، قد أكلت رفدي، وأطالت كدّي، وقد عاف جلدي جلدها، وتمنّيت بعدها، وتشوّقت فقدها. فضحكت الخيزران وقالت: سوف آمر لك بما سألت. فلما رجعت تلقّاها وذكَّرها، وخرج معها إلى بغداد فأقام حتى غرض⁣(⁣٢). ثم دخل على أمّ عبيدة حاضنة موسى وهارون، فدفع إليها رقعة قد كتبها إلى الخيزران فيها:


وعزله عنها. (انظر ابن الأثير ج ٦ ص ٦ و ٧ و ٢٦ و ٢٧ و ٣٩ و ٤١).

(١) قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ والرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً}: «الرقيم اسم كلبهم، قال أمية بن أبي الصلت:

وليس بها إلا الرقيم مجاورا ... وصيدهم والقوم في الكهف همّد

وقيل هو لوح من رصاص رقمت فيه أسماؤهم جعل على باب الكهف، وقيل إن الناس رقموا حديثهم نقرا في الجبل، وقيل: هو الوادي الذي فيه الكهف، وقيل الجبل، وقيل قريتهم، وقيل مكانهم بين غضبان وأيلة دون فلسطين. وفي» اللسان «مادة رقم:» قال أبو القاسم الزجاجي في الرقيم خمسة أقوال: أحدها عن ابن عباس أنه لوح كتبت فيه أسماؤهم. الثاني أنه الدواة بلغة الروم عن مجاهد. الثالث القرية عن كعب. الرابع الوادي. الخامس الكتاب عن الضحاك وقتادة، وإلى هذا القول يذهب أهل اللغة.

(٢) غرض: ضجر وملّ.