أخبار أبي دلامة ونسبه
  سأله المهدي عن شاعر فأطراه فأجازه لحسن محضره:
  وقال ابن النطَّاح:
  دخل أبو دلامة على المهديّ وعنده شاعر ينشده. فقال له: ما ترى فيه؟ قال: إنه قد جهد نفسه لك فاجهد نفسك له. فقال المهديّ: وأبيك إنها لكلمة عذراء منك، أحسبك تعرفه! قال: لا واللَّه ما عرفته ولا قلت أنا إلَّا حقّا. فأمر للشاعر بجائزة، ولأبي دلامة بمثلها لحسن محضره.
  خلع عليه العقيلي من ثيابه التي عليه:
  قال ابن النطَّاح وحدّثني أبو عبد اللَّه العقيليّ قال:
  رأيت على أبي دلامة فروة في الصّيف، فقلت له: ألا تملّ هذه الفروة! قال: بلى، وربّ مملول لا يستطاع فراقه. فنزعت فاضل ثيابي في موضعي ودفعتها إليه.
  فزع من رؤية الفيل وقال فيه شعرا:
  قال: وأهدي للمهديّ فيل، فرآه أبو دلامة فولَّى هاربا وقال:
  يا قوم إني رأيت الفيل بعدكم ... لا بارك اللَّه لي في رؤية الفيل
  / أبصرت قصرا له عين يقلَّبها ... فكدت أرمي بسلحي في سراويلي
  أنشد المهدي شعرا في بغلته واستوهبه أخرى غيرها:
  / قال ابن النطَّاح:
  ودخل أبو دلامة على المهديّ فأنشده قصيدته في بغلته المشهورة:
  أتاني بغلة(١) يستام(٢) منّي ... عريق في الخسارة والضّلال
  فقال تبيعها؟ قلت ارتبطها ... بحكمك إن بيعي غير غالي
  فأقبل ضاحكا نحوي سرورا ... وقال أراك سمحا ذا جمال
  هلمّ إليّ يخلو بي خداعا ... وما يدري الشّقيّ بمن يخالي
  فقلت بأربعين فقال أحسن ... إليّ فإن مثلك ذو سجال(٣)
  فاترك خمسة منها لعلمي ... بما فيه يصير من الخبال
  فقال المهديّ: لقد أفلتّ من بلاء عظيم. قال: واللَّه يا أمير المؤمنين لقد مكثت شهرا أتوقّع صاحبها أن يردّها. قال: ثم أنشده:
  فأبدلني بها يا ربّ طرفا(٤) ... يكون جمال مركبه جمالي
(١) في ج: «أتاني خائب».
(٢) استام: طلب السوم أن تعيين الثمن.
(٣) السجال هنا: المباراة والمساجلة يريد أنه لا يماكس في الثمن.
(٤) الطرف من الخيل: الكريم.