أخبار أبي دلامة ونسبه
  فلو أنّني في السّوق أبتاع مثلها ... وجدّك ما باليت أن أتقدّما
  فضحك وأعفاه.
  وعدته ريطة جارية فاستنجزها بشعر:
  ونسخت من كتاب ابن النطَّاح:
  أنّ ريطة وعدت أبا دلامة جارية فمطلته حتى امتدحها بعدّة قصائد، كلّ ذلك لا تفي له، ثم خرجت إلى مكَّة ورجعت. وكانت لها جارية يقال لها أمّ عبيدة تخرج وتكلَّم الرجال وتبلَّغ عنها الرسائل. فقال أبو دلامة لأمّ عبيدة حين عيل صبره:
  أبلغي سيّدتي إن ... شئت يا أمّ عبيده
  / أنّها أرشدها الل ... هـ وإن كانت رشيده
  وعدتني قبل أن تخ ... رج للحجّ وليده
  فتنظَّرت وأرسل ... ت بعشرين قصيدة
  كلَّما تخلق أولى ... بدّلت أخرى جديده
  إنّني شيخ كبير ... ليس في بيتي قعيده
  غير مثل الغول عندي ... ذات أوصال مديده
  / وجهها أسمج من حو ... ت طريّ في عصيده
  ذات رجل ويد كل ... تاهما مثل القديده
  فدخلت على ريطة فأنشدتها الشعر، فأمرت له بجارية ومائتي دينار للنفقة عليها.
  اشترى لأضيافه نبيذا من نباذه ولم يعطها الثمن وقال فيها شعرا:
  أخبرني الحسين بن يحيى نسخت من كتاب إسحاق الموصليّ حدّثني أبي عن جدّي(١):
  أنّ أبا دلامة نزل بالكوفة، فأتاه أضياف فغدّاهم، ثم بعث إلى سنديّة نبّاذة يقال لها دومة، فبعثت إليهم جرّة من نبيذ فشربوها، ثم أعاد فبعثت إليهم بأخرى، ثم جاءت تتقاضى الثمن. فقال: ليس عندي الثمن، ولكني أمدحك بما هو خير من نبيذك. فقال:
  ألا يا دوم دام لك النّعيم ... وأحمر ملء(٢) كفّك مستقيم
(١) يلاحظ أن جدّ إسحاق بن إبراهيم الموصلي فارسي وهو ماهان أو ميمون بن بهمن، وأنه مات وابنه طفل في الثانية أو الثالثة، فلا يعقل أن يكون إبراهيم روى عن أبيه. على أن ماهان لم يعرف أنه من رواة الأدب العربي. فلعل في كلمة «عن جدي» تحريفا أو هي من زيادات النساخ. (راجع ترجمة إبراهيم الموصلي في الجزء الخامس من هذه الطبعة ص ١٥٤).
(٢) كذا في ج. وفي سائر الأصول: «مثل» وهو تحريف. وقد ورد هذا الشعر في الجزء العاشر صفحة ٩٤ من «الأغاني» طبع بلاق في ترجمة الأقيشر، وروايته:
ألا يا دوم دام لك النعيم ... واسمر ملء كفك مستقيم
شديد الأسر ينبض حالباه ... يحتم كأنه رجل سقيم