نسب زهير وأخباره
  من(١) المنطق، ولا يقول إلَّا ما يعرف، ولا يمتدح الرجل إلَّا بما يكون فيه. أليس الذي يقول:
  إذا ابتدرت(٢) قيس بن عيلان غاية ... من المجد من يسبق إليها يسوّد
  / سبقت إليها كلّ طلق(٣) مبرّز ... سبوق إلى الغايات غير مزنّد
  كفعل جواد يسبق الخيل عفوه ال ... سّراع(٤) وإن يجهد ويجهدن يبعد
  ولو كان حمد يخلد الناس لم تمت ... ولكنّ حمد النّاس ليس بمخلد
  أنشدني له، فأنشدته حتى برق الفجر. فقال: حسبك الآن، إقرأ القرآن. قلت: وما أقرأ؟ قال: اقرأ الواقعة، فقرأتها ونزل فأذّن وصلَّى.
  أخبرني محمد بن القاسم الأنباريّ قال حدّثني أبي قال حدّثنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا أبو عبيدة عن عيسى بن يزيد بن بكر قال قال ابن عبّاس: خرجت مع عمر، ثم ذكر الحديث نحو هذا.
  استعاذ منه النبي ﷺ فما قال شعرا حتى مات:
  وجدت في بعض الكتب عن عبد اللَّه / بن شبيب عن الزّبير بن بكَّار عن حميد بن محمد بن عبد العزيز الزّهريّ عن أخيه إبراهيم بن محمد يرفعه:
  أنّ رسول اللَّه ﷺ نظر إلى زهير بن أبي سلمى وله مائة سنة فقال: «اللهم أعذني من شيطانه» فما لاك بيتا حتى مات.
  خرج أبوه أبو سلمى مع خاله وابن خاله لغزو طيء فمنعاه حقه في المغنم، وشعره في ذلك:
  قال ابن الأعرابيّ وأبو عمرو الشّيبانيّ:
  كان من حديث زهير وأهل بيته أنهم كانوا من مزينة، وكان بنو عبد اللَّه بن غطفان جيرانهم، وقدما ولدتهم بنو مرّة. وكان من أمر أبي سلمى أنه خرج وخاله أسعد بن العدير بن مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض وابنه كعب / بن أسعد في ناس من بني مرّة يغيرون على طيء، فأصابوا نعما كثيرة وأموالا فرجعوا حتى انتهوا إلى أرضهم. فقال أبو سلمى لخاله أسعد وابن خاله كعب: أفردا لي سهمي، فأبيا عليه ومنعاه حقّه، فكفّ عنهما؛ حتى إذا كان الليل أتى أمّه فقال: والذي أحلف به لتقومنّ إلى بعير من هذه الإبل فلتقعدنّ عليه أو لأضربنّ بسيفي تحت قرطيك. فقامت أمّه إلى بعير منها فاعتنقت سنامه، وساق بها أبو سلمى وهو يرتجز ويقول:
(١) الذي تقدّم في الصفحة السابقة: «يعاظل في الكلام». والذي في «اللسان» وشرح «القاموس» في استعمالات هذه المادة أنه يتعدى بنفسه، يقال عاظل الكلام كما يقال عاظل فيه وبينه.
(٢) يقول: إذا تسابقت قيس بن عيلان لإدراك غاية من المجد تسوّد من سبق إليها كنت السابق إليها. وقيس بن عيلان: قبيلة. (راجع الجزء السادس من «الأغاني» حاشية رقم ١ ص ١ من هذه الطبعة).
(٣) يقال: رجل طلق اليدين إذا كان معطاء. وظاهر أنه يريد أن يصف الجواد بأنه ماض يجود بما عنده من العدو. والمبرز: الذي سبق الناس إلى الكرم والخير. والمزند هنا: البخيل أو اللئيم. ويروى: «غير مجلد» أي ينتهي إلى الغايات من غير أن يجلد ويضرب.
(٤) في الأصول: «فيسرع». والتصويب عن «الديوان» بشرح الأعلم، ورواية البيت فيه.
كفضل جواد الخيل يسبق عفوه ال ... سراع وإن يجهدن يجهد ويبعد