كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب زهير وأخباره

صفحة 446 - الجزء 10

  ويل لأجمال العجوز منّي ... إذا دنوت ودنون منّي

  كأنّني سمعمع من جنّ

  - سمعمع: لطيف الجسم قليل اللحم - وساق الإبل وأمّه حتى انتهى إلى قومه مزينة.

  فذلك حيث يقول:

  ولتغدون إبل مجنّبة ... من عند أسعد وابنه كعب

  - مجنّبة: مجنوبة -

  الآكلين صريح قومهما ... أكل الحبارى⁣(⁣١) برعم الرّطب⁣(⁣٢)

  البرعم⁣(⁣٣): شجرة ولها نور - قال: فلبث فيهم حينا، ثم أقبل بمزينة مغيرا على بني ذبيان. حتى إذا مزينة أسهلت وخلَّفت بلادها ونظروا إلى أرض غطفان، تطايروا عنه راجعين، وتركوه وحده. فذلك حيث يقول:

  من يشتري فرسا لخير غزوها ... وأبت عشيرة ربّها أن تسهلا

  / يعني أن تنزل السّهل. قال: وأقبل حين رأى ذلك من مزينة حتى دخل في أخواله بني مرّة. فلم يزل هو وولده في بني عبد اللَّه بن غطفان إلى اليوم.

  قال معلقته في مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف وقد حملا دية هرم بن ضمضم في مالهما:

  أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلَّم

  قالها زهير في قتل ورد بن حابس العبسيّ هرم بن ضمضم المرّيّ الذي يقول فيه عنترة وفي أخيه:

  ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر ... للحرب دائرة على ابني ضمضم

  ويمدح بها هرم بن سنان والحارث بن عوف بن سعد بن ذبيان المرّيّين لأنهما احتملا ديته في مالهما؛ وذلك قول زهير:

  سعى ساعيا غيظ بن مرّة بعدما⁣(⁣٤) ... تبزّل ما بين العشيرة بالدّم

  يعني بني غيظ بن مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان.

  قال الأثرم أبو الحسن حدّثني أبو / عبيدة قال:

  كان ورد بن حابس العبسيّ قتل هرم بن ضمضم المرّيّ، فتشاجر عبس وذبيان قبل الصلح، وحلف حصين بن ضمضم ألَّا يغسل رأسه حتى يقتل ورد بن حابس أو رجلا من بني عبس ثم من بني غالب، ولم يطلع


(١) الحبارى: طائر يضرب به المثل في البلاهة والحمق، وهو طائر صحراوي يبيض في الرمال النائية.

(٢) الرطب: الرعي الأخضر من البقل والشجر، وقبيل جماعة العشب الأخضر.

(٣) الذي في «اللسان»: أن البرعم كم ثمر الشجر والنور، وقيل هو زهرة الشجر ونور النبت قبل أن يتفتح. وقد استشهد بهذا البيت.

(٤) ما والفعل بتأويل المصدر. وتبزل: تشقق، وبالدم: يريد بسفك الدم. يقول: سعى هذان السيدان (هرم بن سنان والحارث بن عوف) في إحكام العهد بين عبس وذبيان بعد تشقق الألفة والمودة بين القبيلة بسبب سفك الدماء بين عبس وذبيان. (انظر «شرح ديوان زهير» للأعلم الشنتمري).