ذكر المرار وخبره ونسبه
  /
  فلمّا شفاني اليأس عنه بسلوة ... وأعذرتما لابل أجلّ من العذر
  نهيتكما أن تسهراني(١) فكنتما ... صبورين بعد اليأس طاويتي غبر
  يقول: طويتما أغبار دمعكما. والأغبار: البقايا كأغبار اللَّبن.
  خرج حاجا وأضافه قرشي بالأبطح:
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال حدّثني رجل عن واصل بن زكريّا بن المرّار أنّ المرّار قال:
  خرجت حاجّا فأنخت بناحية الأبطح، فجاء قوم فنحّوني عن موضعي وضربوا فيه قبّة لرجل من قريش.
  فلمّا جاء وجلس أتيته فقلت:
  هذا قعودي باركا بالأبطح ... عليه عكما(٢) أكمر(٣) لم تفتح
  فقال: وما قصّتك؟ فأخبرته. فقال: واللَّه لا تفتح منهما شيئا حتى تنصرف، فأقم معنا، يدك مع أيدينا، وقعودك مع أبا عرنا(٤). فو اللَّه ما فتحت العدلين حتى انصرفت بهما إلى أهلي. فما هجاني أحد قطَّ هجاءه.
  حبس هو وأخوه بدر، وشعره في الحبس:
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا أبو غسّان دماذ عن أبي عبيدة قال أخبرني أبو موهب رتيل الزّبيري أحد بني زبير بن عمرو بن قعين قال:
  كان المرّار بن سعيد وأخوه بدر لصّين، وكان بدر أشهر منه بالسرقة وأكثر غارات على الناس. فأغار بدر على ذود(٥) لبعض بني غنم بن ذودان(٦) فطردها، فأخذ / ورفع إلى عثمان بن حيّان / المرّيّ، وهو يومئذ على المدينة فحبسه. وطرد المرّار طريدة فأخذ معها وهو يبيعها بوادي القرى أو ببرمة(٧)، فرفع إلى عثمان بن حيّان فحبسه. قال: فاجتمعا ومكثا في السجن مدّة؛ ثم أفلت المرّار وبقي بدر في السجن حتى مات محبوسا مقيّدا.
  فقال المرّار وهو في الحبس:
  أنار بدت من كوّة السّجن ضوءها(٨) ... عشيّة حلّ الحيّ بالجرع(٩) العفر
(١) في كتاب «الشعر والشعراء»: «أن تشمتابي».
(٢) العكم: العدل وهو الغرارة.
(٣) أكمر: جمع كمر (بكسر الكاف وسكون الميم) نحو ذئب وأذؤب. وهذا الجمع سماعي في مثل هذا الوزن. والكمر من البسر: ما لم يرطب على نخلة ولكنه سقط فأرطب على الأرض.
(٤) كذا في أ، م. وفي سائر الأصول: «أقاعدنا» وهذا الجمع لم يرد في «كتب اللغة» في جمع قعود.
(٥) الذود: ثلاثة أبعرة إلى التسعة، وقيل إلى العشرة، وقيل غير ذلك. ولا يكون إلا من الإناث. وهو واحد وجمع كالفلك.
(٦) راجع الحاشية رقم ٤ ص ٣١٧ وغنم هو أخو ثعلبة المذكور في تلك الصفحة. (راجع كتاب «سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب» للسويدي ص ٥٨ طبع بغداد سنة ١٢٧٠ هجرية).
(٧) برمة (بكسر أوله): عرض من أعراض المدينة بين خيبر ووادي القرى.
(٨) كذا في الأصول، بتأنيث الفعل لإضافة الفاعل إلى ضمير المؤنث.
(٩) كذا في ح بالراء المهملة. والجرع بالتحريك: جمع جرعة بالتحريك أيضا وهي هنا الرملة العذاة الطيبة التي لا وعوثة فيها. وفي سائر الأصول: الجزع بالزاي المعجمة وهو تصحيف.