كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر المرار وخبره ونسبه

صفحة 465 - الجزء 10

  /

  فلمّا شفاني اليأس عنه بسلوة ... وأعذرتما لابل أجلّ من العذر

  نهيتكما أن تسهراني⁣(⁣١) فكنتما ... صبورين بعد اليأس طاويتي غبر

  يقول: طويتما أغبار دمعكما. والأغبار: البقايا كأغبار اللَّبن.

  خرج حاجا وأضافه قرشي بالأبطح:

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال حدّثني رجل عن واصل بن زكريّا بن المرّار أنّ المرّار قال:

  خرجت حاجّا فأنخت بناحية الأبطح، فجاء قوم فنحّوني عن موضعي وضربوا فيه قبّة لرجل من قريش.

  فلمّا جاء وجلس أتيته فقلت:

  هذا قعودي باركا بالأبطح ... عليه عكما⁣(⁣٢) أكمر⁣(⁣٣) لم تفتح

  فقال: وما قصّتك؟ فأخبرته. فقال: واللَّه لا تفتح منهما شيئا حتى تنصرف، فأقم معنا، يدك مع أيدينا، وقعودك مع أبا عرنا⁣(⁣٤). فو اللَّه ما فتحت العدلين حتى انصرفت بهما إلى أهلي. فما هجاني أحد قطَّ هجاءه.

  حبس هو وأخوه بدر، وشعره في الحبس:

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا أبو غسّان دماذ عن أبي عبيدة قال أخبرني أبو موهب رتيل الزّبيري أحد بني زبير بن عمرو بن قعين قال:

  كان المرّار بن سعيد وأخوه بدر لصّين، وكان بدر أشهر منه بالسرقة وأكثر غارات على الناس. فأغار بدر على ذود⁣(⁣٥) لبعض بني غنم بن ذودان⁣(⁣٦) فطردها، فأخذ / ورفع إلى عثمان بن حيّان / المرّيّ، وهو يومئذ على المدينة فحبسه. وطرد المرّار طريدة فأخذ معها وهو يبيعها بوادي القرى أو ببرمة⁣(⁣٧)، فرفع إلى عثمان بن حيّان فحبسه. قال: فاجتمعا ومكثا في السجن مدّة؛ ثم أفلت المرّار وبقي بدر في السجن حتى مات محبوسا مقيّدا.

  فقال المرّار وهو في الحبس:

  أنار بدت من كوّة السّجن ضوءها⁣(⁣٨) ... عشيّة حلّ الحيّ بالجرع⁣(⁣٩) العفر


(١) في كتاب «الشعر والشعراء»: «أن تشمتابي».

(٢) العكم: العدل وهو الغرارة.

(٣) أكمر: جمع كمر (بكسر الكاف وسكون الميم) نحو ذئب وأذؤب. وهذا الجمع سماعي في مثل هذا الوزن. والكمر من البسر: ما لم يرطب على نخلة ولكنه سقط فأرطب على الأرض.

(٤) كذا في أ، م. وفي سائر الأصول: «أقاعدنا» وهذا الجمع لم يرد في «كتب اللغة» في جمع قعود.

(٥) الذود: ثلاثة أبعرة إلى التسعة، وقيل إلى العشرة، وقيل غير ذلك. ولا يكون إلا من الإناث. وهو واحد وجمع كالفلك.

(٦) راجع الحاشية رقم ٤ ص ٣١٧ وغنم هو أخو ثعلبة المذكور في تلك الصفحة. (راجع كتاب «سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب» للسويدي ص ٥٨ طبع بغداد سنة ١٢٧٠ هجرية).

(٧) برمة (بكسر أوله): عرض من أعراض المدينة بين خيبر ووادي القرى.

(٨) كذا في الأصول، بتأنيث الفعل لإضافة الفاعل إلى ضمير المؤنث.

(٩) كذا في ح بالراء المهملة. والجرع بالتحريك: جمع جرعة بالتحريك أيضا وهي هنا الرملة العذاة الطيبة التي لا وعوثة فيها. وفي سائر الأصول: الجزع بالزاي المعجمة وهو تصحيف.