كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النابغة ونسبه

صفحة 12 - الجزء 11

  / إنّ الذي من أجله هرب النابغة من النّعمان أنه كان والمنخّل بن عبيد بن عامر اليشكريّ جالسين عنده، وكان النّعمان دميما أبرش⁣(⁣١) قبيح المنظر، وكان المنخّل بن عبيد من أجمل العرب، وكان يرمى بالمتجرّدة زوجة النّعمان، ويتحدّث العرب أنّ ابني النّعمان منها كانا من المنخّل. فقال النّعمان للنابغة: يا أبا أمامة، صف المتجرّدة في شعرك؛ فقال قصيدته التي وصفها فيها ووصف بطنها وروادفها وفرجها. فلحقت المنخّل من ذلك غيرة، فقال للنّعمان: ما يستطيع أن يقول هذا الشعر إلَّا من جرّبه. فوقر ذلك في نفس النّعمان. وبلغ النّابغة فخافه فهرب فصار في غسّان.

  كان المنخل اليشكري يهوى هندا بنت عمرو بن هند فتغزل فيها فقتله:

  قالوا: وكان المنخّل يهوى هندا بنت عمرو بن هند، وفيها يقول:

  صوت

  ولقد دخلت على الفتا ... ة الخدر في اليوم المطير

  الكاعب الحسناء تر ... فل في الدّمقس وفي الحرير

  فدفعتها⁣(⁣٢) فتدافعت ... مشي القطاة إلى الغدير

  ولثمتها فتنفّست ... كتنفّس الظَّبي البهير⁣(⁣٣)

  - غنّاه إبراهيم الموصليّ من رواية عمرو بن بانة ثاني ثقيل بالوسطى على مذهب إسحاق.

  / وبدت⁣(⁣٤) وقالت يا منخّل ما بجسمك من فتور؟

  ما مسّ جسمي غير حبّك فاهدئي⁣(⁣٥) عنّي وسيري

  ولقد شربت من المدا ... مة بالكبير وبالصغير

  فإذا سكرت فإنّني ... ربّ الخورنق والسّدير⁣(⁣٦)

  وإذا صحوت فإنّني ... ربّ الشّويهة والبعير

  يا هند هل من نائل ... يا هند للعاني الأسير

  وأحبّها وتحبّني ... وتحبّ⁣(⁣٧) ناقتها بعيري

  - وقال حمّاد بن إسحاق عن أبيه في كتاب أغاني ابن مسحج: في هذا الصوت لمالك ومعبد وابن سريج وابن


(١) الأبرش: الذي في لونه اختلاف بأن تكون نقطة حمراء وأخرى سوداء أو غبراء أو نحو ذلك.

(٢) في «الأغاني» في ترجمة «المنخل اليشكري» (ج ١٨ ص ١٥٤ طبعة بلاق): «دافعتها». وفي رواية هذه القصيدة هنا وفي ترجمة المنخل فيما سيأتي في «الأغاني» وفي كتاب «الشعر والشعراء». اختلاف في بعض الكلمات سنشير إلى بعضه ها هنا.

(٣) البهير: الذي تتابع نفسه من الإعباء والتعب؛ يقال: انبهر وبهر (مبنيا للمجهول) فهو مبهور وبهير. ورواية البيت في كتاب «الشعر والشعراء»:

وعطفتها فتعطفت ... كتعطف الظبي الغرير

(٤) في ترجمة «المنخل»: «ورنت». وفي كتاب «الشعر والشعراء»: «فترت».

(٥) كذا في ح، أ، وترجمة «المنخل» فيما يأتي وكتاب «الشعر والشعراء». وفي سائر الأصول هنا: «فاعزبي».

(٦) الخورنق والسدير: قصران، وقيل: هما نهران.

(٧) في ترجمة «المنخل» وكتاب «الشعر والشعراء»: «ويحب».