كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النابغة ونسبه

صفحة 13 - الجزء 11

  محرز والغريض وابن مسحج لكلهم فيه ألحان - قال: فبلغ عمرا خبر المنخّل فأخذه فقتله. وقال المنخل قبل أن يقتله وهو محبوس في يده يحضّ قومه على طلب الثأر به:

  /

  ظلّ وسط العراق قتلي بلا جر ... م وقومي ينتّجون السّخالا

  رجع الخبر إلى سياقه. قالوا جميعا: فلمّا صار النّابغة إلى غسّان نزل بعمرو بن الحارث الأصغر بن الحارث الأعرج بن الحارث الأكبر بن أبي شمر⁣(⁣١) - وأمّ الحارث الأعرج مارية بنت ظالم بن وهب بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع⁣(⁣٢) الكنديّة / وهي ذات القرطين اللَّذين يضرب بهما المثل فيقال لما يغلى به الثمن «[خذه ولو⁣(⁣٣)] بقرطي مارية». وأختها هند الهنود امرأة حجر آكل المرار. وإيّاها عنى حسّان بقوله في جبلة بن الأيهم:

  أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الجواد المفضل

  مدح عمرو بن الحارث الأصغر الغساني وأخاه النّعمان:

  ولذلك خبر يأتي في موضعه - فمدحه النابغة ومدح أخاه النّعمان. ولم يزل مقيما مع عمرو حتى مات، وملك أخوه النّعمان؛ فصار معه إلى أن استطلعه⁣(⁣٤) النّعمان فعاد إليه. فممّا مدح به عمرا قوله:

  صوت

  كليني لهمّ يا أميمة⁣(⁣٥) ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب

  وصدر أراح الليل عازب همّه ... تضاعف فيه الحزن من كلّ جانب

  تقاعس حتى قلت ليس بمنقض ... وليس الذي يهدي النّجوم بآئب

  عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب

  عروضه من الطويل. غنّي في البيتين الأوّلين ابن محرز خفيف ثقيل أوّل بالبنصر على مذهب إسحاق من رواية عمرو. وغنّى فيه الأبجر من رواية حبش ثاني ثقيل بالوسطى. وغنّى مالك في البيت الرابع ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى من رواية هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات. وغنى في الأربعة الأبيات عبد اللَّه ابن العبّاس الرّبيعيّ ماخوريّا عن حبش، وغنّى فيها طويس رملا بالوسطى بحكايتين عن حبش. / هكذا روي قوله «يا أميمة» مفتوح الهاء. قال الخليل: من عادة العرب أن تنادي المؤنّث بالترخيم فتقول يا أميم ويا عزّ ويا سلم؛ فلمّا لم يرخّم لحاجته إلى الترخيم⁣(⁣٦) أجراها على لفظها مرخّمة⁣(⁣٧) وأتى بها بالفتح. وكليني أي دعيني. ووكلته إلى كذا أكله وكالة⁣(⁣٨).


(١) يقال فيه أيضا شمر (بكسر أوله وسكون ثانيه). (راجع «خزانة الأدب» ج ١ ص ٣٧١).

(٢) ضبطه الحافظ في «التبصير» كمحسن، وضبطه الصاغاني في «العباب» كمحدّث. (عن «القاموس وشرحه»).

(٣) التكملة عن كتب الأمثال.

(٤) استطلعه: طلب طلوعه إليه. يريد: استقدمه إليه.

(٥) أميمة: تصغير أمامة وهي بنته. وأقاسيه: أكابده وأعالج طوله.

(٦) لعل صوابه: «لحاجته إلى ترك الترخيم» لأن الترخيم هنا يفسد وزن الشعر.

(٧) هذا رأي الجمهور، قالوا: إن أميمة مرخم، والأصل يا أميم، ثم دخلت الهاء غير معتد بها، وفتحت لأنها وقعت موقع ما يستحق الفتح وهو ما قبل هاء التأنيث. وفيه آراء أخرى مبسوطة في كتب النّحو.

(٨) الذي في كتب اللغة أنه يقال: وكل الأمر إليه يكله وكلا ووكولا إذا سلمه إليه وتركه، ووكله إلى نفسه وكلا ووكولا. والوكالة (بالفتح وبالكسر أيضا): اسم من التوكيل.