أخبار النابغة ونسبه
  صوت
  مما يغنى فيه من شعره:
  رأيتك ترعاني(١) بعين بصيرة ... وتبعث حراسا عليّ وناظرا(٢)
  فآليت(٣) لا آتيك إن كنت مجرما ... ولا أبتغي جارا سواك مجاورا
  وأهلي فداء لامرئ إن أتيته(٤) ... تقبّل معروفي وسدّ(٥) المفاقرا(٦)
  ألا أبلغ النّعمان حيث لقيته ... وأهدي له اللَّه الغيوث البواكرا
  غنّاه خليد(٧) الواديّ رملا بالبنصر من رواية حبش.
  / ومما يغنّى فيه من قصائد النابغة التي يعتذر فيها إلى التعمان:
  صوت
  يا دار ميّة بالعلياء فالسّند ... أقوت وطال عليها سالف الأمد
  وقفت فيها أصيلانا أسائلها ... أعيّت جوابا وما بالرّبع من أحد
  إلا الأواريّ لأيا ما أبيّنها ... والنّؤى كالحوّض بالمظلومة الجلد
  ردّت عليه أقاصيه ولبّده ... ضرب الوليدة بالمسحاة في الثأد(٨)
  خلَّت سبيل اتيّ كان يحبسه ... ورفّعته إلى السّجفين فالنّضد
  أضحت خلاء وأضحى وأضحى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد
  الغناء لمعبد ثقيل أوّل بالسبّابة في مجرى البنصر عن إسحاق. وفيه لجميلة ثاني ثقيل بالبنصر عن عمرو وحبش.
  قال الأصمعيّ: قوله «يا دار ميّة» يريد أهل دار ميّة، كما فال امرؤ القيس:
  ألاعم صباحا أيّها الطَّلل البالي
  يريد أهل الطلل. وقال الفرّاء. إنما نادى الدار لا أهلها أسفا عليها وتشوّقا إلى أهلها وتمنّيه أن تكون أهلا.
(١) ترعاني: تحرسني وتحفظني.
(٢) في «شرح لديوانه» (طبع المطبعة الوهبية بمصر سنة ١٢٩٣ هـ): «وناصرا».
(٣) آليت: أقسمت. ومجرما: مذنبا، يقال: جرم فهو جارم، وأجرم فهو مجرم. بقول: أقسمت لا آتيك حتى أعتبك وأرضيك.
ويروي «محرما» بالحاء المهملة. أي لا أتيك ومعي حرمة من أحد. وقيل: معنى «محرم» داخل في الشهر الحرام، ومن دخل في الشهر الحرام أمن. أي لا آتيك في الشهر الحرام من خوفك ولكني آتيك في شهور الحل وأنا آمن بأمانك.
(٤) في بعض نسخ «الديوان»: «إذ أتيته». قال الوزير أبو بكر عاصم بن أيوب البطليوسي: رواية الطوسي «إذ أتيته» وفسره فقال: «إذ لما مضى، وهو الآن غائب عنه، فأخبر بإتيانه إياه فيما مضى وإحسانه إليه».
(٥) يريد بمعروفه الذي تقبله ثناءه عليه ومدحه إياه.
(٦) يقال: سدّ اللَّه مفاقره أي أغناه وسد وجوه فقره، لا واحد له من لفظه، وقيل: هو جمع فقر على غير قياس، كحسن ومحاسن.
(٧) هو خليد بن عتيك أحد المغنين بوادي القرى. (راجع ص ٢٨٠ س ١٢ ج ٦ من هذه الطبعة).
(٨) الكلام على حذف مضاف أي في موضع الثأد، وموضع الثأد التراب الندي المبلول، وهو إذا ضرب بالمسحاة التصق بعضه ببعض وانخفض.