كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

مقتل زهير بن جذيمة العبسي

صفحة 63 - الجزء 11

  كانت عليه درع أعاره إيّاها عمرو بن يربوع الغنويّ، وكانت درع ابن الأجلح المراديّ⁣(⁣١) كان قتله فأخذها منه. وكان يقال لها ذات الأزمّة. وإنما سميت بذلك لأنها كانت لها عرى تعلَّق فضولها / بها إذا أراد أن يشمّرها. قال:

  فطلعوا. فقال أسيد بن جذيمة - قال الأصمعيّ: وكان أسيد شيخا كبيرا، وكان كثير شعر الوجه والجسد - أتيت وربّ الكعبة. فقال زهير: «كلّ أزبّ نفور» فذهبت مثلا. فلم يشعر بهم زهير إلَّا في سواد اللَّيل، فركب فرسه ثم وجّهها، فلحقه قوم أحدهم حندج أو العقيليّ - واختلفوا فيهما - فطعن فخذ الفرس طعنة خفيفة، ثم أراد أن يطعن الرّجل الصحيحة، فناداه خالد: يا فلان لا تفعل / فيستويا، أقبل على السقيمة. قال: فطعنها فانخذلت الفرس فأدركوه. فلما أدركوه رمى بنفسه، وعانقه خالد فقال: اقتلوني ومجدّعا!. فجاء حندج - وكان أعجم اللَّسان - فقال لخالد وهو فوق زهير: نحّ رأسك يا أبا جزء، فنحّى رأسه، فضرب حندج زهيرا ضربة على دهش، ثم ركبوا وتركوه. قال فقال خالد: ويحك يا حندج ما صنعت؟ فقال: ساعدي شديد، وسيفي حديد، وضربته ضربة فقال السيف قب، وخرج عليه مثل ثمرة المرار، فطعمته فوجدته حلوا (يعني دماغه). قال: إن كنت صدقت فقد قتلته. قال:

  فجاء قوم زهير فاحتملوه ومنعوه الماء كراهة أن يبتلّ دماغه فيموت. فقال: يا آل غطفان أأموت عطشا! فسقي فمات، وذلك بعد أيّام. ففي ذلك يقول ورقاء بن زهير وكان قد ضرب خالدا ضربة فلم يصنع شيئا، فقال:

  رأيت زهيرا تحت كلحكل خالد ... فأقبلت أسعى كالعجول أبادر

  إلى بطلين ينهضان كلاهما ... يريدان نصل السّيف والسيف نادر

  قال الأصمعيّ: فضرب الدهر من ضربانه إلى أن التقى خالد بن جعفر والحارث بن ظالم.


(١) في «ب، س»: «المراري».