مقتل زهير بن جذيمة العبسي
  كانت عليه درع أعاره إيّاها عمرو بن يربوع الغنويّ، وكانت درع ابن الأجلح المراديّ(١) كان قتله فأخذها منه. وكان يقال لها ذات الأزمّة. وإنما سميت بذلك لأنها كانت لها عرى تعلَّق فضولها / بها إذا أراد أن يشمّرها. قال:
  فطلعوا. فقال أسيد بن جذيمة - قال الأصمعيّ: وكان أسيد شيخا كبيرا، وكان كثير شعر الوجه والجسد - أتيت وربّ الكعبة. فقال زهير: «كلّ أزبّ نفور» فذهبت مثلا. فلم يشعر بهم زهير إلَّا في سواد اللَّيل، فركب فرسه ثم وجّهها، فلحقه قوم أحدهم حندج أو العقيليّ - واختلفوا فيهما - فطعن فخذ الفرس طعنة خفيفة، ثم أراد أن يطعن الرّجل الصحيحة، فناداه خالد: يا فلان لا تفعل / فيستويا، أقبل على السقيمة. قال: فطعنها فانخذلت الفرس فأدركوه. فلما أدركوه رمى بنفسه، وعانقه خالد فقال: اقتلوني ومجدّعا!. فجاء حندج - وكان أعجم اللَّسان - فقال لخالد وهو فوق زهير: نحّ رأسك يا أبا جزء، فنحّى رأسه، فضرب حندج زهيرا ضربة على دهش، ثم ركبوا وتركوه. قال فقال خالد: ويحك يا حندج ما صنعت؟ فقال: ساعدي شديد، وسيفي حديد، وضربته ضربة فقال السيف قب، وخرج عليه مثل ثمرة المرار، فطعمته فوجدته حلوا (يعني دماغه). قال: إن كنت صدقت فقد قتلته. قال:
  فجاء قوم زهير فاحتملوه ومنعوه الماء كراهة أن يبتلّ دماغه فيموت. فقال: يا آل غطفان أأموت عطشا! فسقي فمات، وذلك بعد أيّام. ففي ذلك يقول ورقاء بن زهير وكان قد ضرب خالدا ضربة فلم يصنع شيئا، فقال:
  رأيت زهيرا تحت كلحكل خالد ... فأقبلت أسعى كالعجول أبادر
  إلى بطلين ينهضان كلاهما ... يريدان نصل السّيف والسيف نادر
  قال الأصمعيّ: فضرب الدهر من ضربانه إلى أن التقى خالد بن جعفر والحارث بن ظالم.
(١) في «ب، س»: «المراري».