كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مقتل خالد بن جعفر بن كلاب

صفحة 74 - الجزء 11

  اجترّت، ودمعت عيناها، وأصغت برأسها⁣(⁣١)، وتفاجّت⁣(⁣٢) تفاجّ البائل، وهجمت في المحلب هجما حتى تسنّمه⁣(⁣٣)، وتجاوبت أحاليلها⁣(⁣٤) بالشّخب هثّا⁣(⁣٥) وهثيما حتى تصفّ بين ثلاثة محالب⁣(⁣٦). فصاح الحارث بهما ورجز فقال:

  إذا سمعت حنّة اللَّفاع ... فادعي أبا ليلى ولا تراعي

  ذلك راعيك فنعم الرّاعي ... يجبك رحب الباع والذّراع ... منطَّقا⁣(⁣٧) بصارم قطَّاع

  / خليّا عنها! فعرفاه فضرط البائن. فقال الحارث: «است الضارط⁣(⁣٨) أعلم» فذهبت مثلا - قال الأثرم:

  البائن الحالب الأيمن، والمستعلي الحالب الأيسر - ثم عمد إلى أموال جاراته وإلى جاراته فجمعهنّ وردّ أموالهن وسار معهنّ حتى اشتلاهنّ (أي أنقذهنّ).

  رواية أخرى في قتله بن الملك:

  قال أبو عبيدة: ولحق الحارث ببلاد قومه مختفيا. وكانت أخته سلمى بنت ظالم عند سنان بن أبي حارثة المرّيّ. قال أبو عبيدة: وكان الأسود بن المنذر قد تبنّى سنان بن أبي حارثة المرّيّ ابنه شرحبيل، فكانت سلمى بنت كثير بن ربيعة من بني غنم بن دودان⁣(⁣٩) امرأة سنان بن أبي حارثة المرّيّ ترضعه وهي أمّ هرم، وكان هرم غنيّا يقدر على ما يعطي سائليه. فجاء الحارث، وقد كان اندسّ في بلاد غطفان، فاستعار سرج سنان، ولا يعلم سنان، وهم نزول بالشّربّة، فأتى به سلمى ابنة / ظالم فقال: يقول لك بعلك: ابعثي بابن الملك مع الحارث حتى أستأمن له ويتخفّر به، وهذا سرجه آية إليك. فزيّنته ثم دفعته إلى الحارث، فأتى بالغلام، ناحية من الشّربّة فقتله، ثم أنشأ يقول:

  قفا فاسمعا أخبركما إذ سألتما ... محارب مولاه، وثكلان نادم⁣(⁣١٠)

  - ثكلان نادم: يعني الأسود لأنه قتل ابنه شرحبيل. محارب مولاه: يعني الحارث نفسه. ومولاه: سنان -

  أخصيي حمار بات يكدم نجمة ... أتؤكل جاراتي وجارك سالم

  حسبت أبيت اللَّعن أنك فائت ... ولمّا تذق ثكلا وأنفك راغم


(١) كذا في «الأصول». ويلاحظ أن «أصغى» يتعدّى بنفسه. فلعل صوابه: «صغت يرأسها» أو «أصغت رأسها».

(٢) تفاجت: باعدت ما بين رجليها.

(٣) تسنمه: تملؤه حتى يصير فوقه مثل السنام.

(٤) الأحاليل: جمع إحليل، وهو هنا مخرج اللبن من الضرع. والشخب (بالفتح): صوت اللبن عند الحلب. والشخب (بالفتح وبالضم): ما يخرج من الضرع من اللبن. وقيل: الشخب (بالضم): ما امتد من اللبن حين يحلب متصلا بين الإناء والطبى.

(٥) كذا في «الأصول الخطية». وفي «ب، س»: «هشا وهشيما». والهث: اختلاط الصوت في حرب أو صخب. والمراد هنا اختلاط أصوات الأحاليل عند الحلب. أما «الهيشم» أو «الهشيم» فلم نهتد لوجهه الصواب فيه.

(٦) أي حتى تملأ ثلاثة محالب فيصف أحدها بعد الآخر.

(٧) منطقا: مشدودا في وسطه.

(٨) ويروى: «است البائن أعلم».

(٩) في «الأصول»: ... غنم بن وردان». والتصويب للمرحوم الأستاذ الشنقيطي في نسخته.

(١٠) تقدّمت هذه الأبيات في صفحة ١٠٣ من هذا الجزء، فلتراجع الحواشي التي كتبت عليها.