كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مقتل خالد بن جعفر بن كلاب

صفحة 75 - الجزء 11

  فإن تك أذوادا أصبت ونسوة ... فهذا ابن سلمى رأسه متفاقم

  / علوت بذي الحيّات مفرق رأسه ... وكان سلاحي تجتويه الجماجم

  فتكت به كما فتكت بخالد ... ولا يركب المكروه إلَّا الأكارم

  بدأت بتلك وانثنيت بهذه ... وثالثة تبيضّ منها المقادم

  قال: ففي ذلك يقول عقيل بن علَّفة في الإسلام وهو من بني يربوع بن غيظ بن مرّة لمّا هاجى شبيب بن البرصاء، وأبوه يزيد، وهو من بني نشبة بن غيظ بن مرّة ابن عمّ سنان بن أبي حارثة، فعيّره بقتل الحارث بن ظالم شرحبيل لأنه ربيب بني حارثة بن مرّة⁣(⁣١) بن نشبة بن غيظ رهط شبيب، ففي ذلك يقول عقيل:

  قتلنا شرحبيلا ربيب أبيكم ... بناصية المعلوب ضاحية غصبا⁣(⁣٢)

  فلم تنكروا أن يغمز القوم جاركم ... بإحدى الدّواهي ثم لم تطلعوا نقبا⁣(⁣٣)

  قال أبو عبيدة: وهرب الحارث، فغزا الأسود بني ذبيان إذ نقضوا العهد وبني أسد بشطَّ أريك. قال أبو عبيدة:

  وسألته عنه فقال: هما أريكان الأسود والأبيض، ولا أدري بأيّهما كانت الوقعة. قال أبو عبيدة وقال آخرون: إنّ سلمى امرأة سنان التي أخذ الحارث شرحبيل من عندها من بني أسد. قال: فإنّما غزا الأسود بني أسد لدفع الأسديّة سلمى ابنه إلى الحارث، فقتل فيهم قتلا ذريعا وسبى واستاق أموالهم. وفي ذلك يقول [الأعشى ميمون]:

  وشيوخ⁣(⁣٤) صرعى بشطَّي أريك ... ونساء كأنّهن السّعالي⁣(⁣٥)

  / من نواصي دودان إذ نقضوا العه ... د وذبيان والهجان الغوالي

  ربّ رفد هرقته ذلك اليو ... م وأسرى من معشر أقتال⁣(⁣٦)

  هؤلاء ثم هؤلاء كلَّا احذي ... ت نعالا محذوّة بمثال

  ورأى من عصاك أصبح مخذو ... لا وكعب الذي يطيعك عالي


(١) في «الأصول»: ... بني حارثة فعيره بن نشبة غيظ ...» وهو تحريف.

(٢) في «الأصول»: «بناحية المغلوب ضاحية عضبا». وقد رجحنا ما وضعناه لدلاله سياق الكلام عليه. والمعلوب: سيف الحارث بن ظالم. وضاحية: علانية وجهرا.

(٣) النقب: الطريق، أو الطريق الضيق في الجبل. ويظهر أنه كني بعدم طلوع النقب عن عدم السعي في طلب الثأر.

(٤) موضع هذا البيت من القصيدة بعد قوله «رب رفد» البيت الآتي؛ فشيوخ مجرور بالعطف على المجرور برب في البيت الذي قبل هذا البيت في القصيدة. ويروى «وشيوخ حربي» جمع حريب؛ يقال حرب فلان ماله أي سلبه فهو محروب وحريب.

(٥) السعالي: جمع سعلاة (بكسر السين) ويقال فيها سعلا (بالمد وبالقصر)، وهي الغول أو ساحرة الجن. وإذا كانت المرأة قبيحة الوجه سيئة الخلق شبهت بالسعلاة.

(٦) المرفد (بالفتح وبالكسر) هنا: القدح الضخم. والمعنى المراد «رب قتلى» فإن إراقة الرفد يكنى به عن الموت؛ قال الزمخشري في أساس البلاغة: «وهريق رفد فلان إذا قتل، كما يقال: صفرت وطابه وكفئت جفنته». وقال شارح «ديوان الأعشى»: «أبو عبيدة:

رب رفد أهرقته، بألف. أي رب رجل كانت له إبل يحلبها فاستقتها فذهب ما كان يحلبه في الرفد، والرفد القدح بما فيه.

والأقتال: جمع قتل (بالكسر) وهو العدوّ، والشبيه في القتال؛ وبكلا المعنيين فسر البيت. ويروى: «من معشر أقيال». والقيل:

الملك، أو الملك من ملوك حمير، أو هو من دون الملك الأعلى.