كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مقتل خالد بن جعفر بن كلاب

صفحة 78 - الجزء 11

  وتصل قومي بأفضل من طلبتك إلى لقيط الغلمة ليكفّ عنّي. فدعاه فشرب معه، ثم استوهبهم منه فوهبهم له. فقال الأسود بن المنذر في ذلك:

  كأيّن لنا من نعمة في رقابكم ... بني قطن فضلا عليكم وأنعما

  وكم منّة كانت لنا في بيوتكم ... وقتل كريم لم تعدّوه مغرما

  فإنكم لا تمنعون ابن ظالم ... ولم يمس بالأيدي الوشيج المقوّما⁣(⁣١)

  فأجابه ضمرة بن ضمرة فقال:

  سنمنع جارا عائذا في بيوتكم⁣(⁣٢) ... بأسيافنا حتى يؤوب مسلَّما

  إذا ما دعونا دارما حال دونه ... عوابس يعلكن الشّكيم المعجّما⁣(⁣٣)

  / ولو كنت حربا⁣(⁣٤) ما وردت طويلعا ... ولا حوفه إلَّا خميسا عرمرما

  تركت بني ماء السماء وفعلهم ... وأشبهت تيسا بالحجاز مزنّما⁣(⁣٥)

  ولن أذكر النّعمان إلَّا بصالح ... فإنّ له فضلا علينا وأنعما⁣(⁣٦)

  قال: وبلغ ذلك بني عامر، فخرج الأحوص عازيا لبني دارم طالبا بدم أخيه خالد بن جعفر حين انطووا على الحارث وقاموا دونه، فغزاهم فالتقوا برحرحان، فهزمت بنو دارم، وأسر معبد بن زرارة، فانطلقوا به حتى مات في أيديهم، وحديثه في يوم رحرحان يأتي بعد.

  أسر بني قيس وبني هزان للحارث وحديثه معهم:

  ثم أسر بنو هزّان الحارث بن الظالم. وقال أبو عبيدة: خرج الحارث من عندهم، فجعل يطوف في البلاد حتى سقط في ناحية من بلاد ربيعة، ووضع سلاحه وهو في فلاة ليس فيها أثر ونام، فمرّ به نفر من بني قيس ابن ثعلبة ومعهم قوم من بني هزّان من عنزة وهو نائم، فأخذوا فرسه وسلاحه ثم أوثقوه، فانتبه وقد شدّوه فلا يملك من نفسه شيئا. فسألوه من أنت؟ فلم يخبرهم وطوى عنهم الخبر، فضربوه ليقتلوه على تأن يخبرهم من هو فلم يفعل. / فاشتراه القيسيّون من الهزّانيّين بزقّ خمر وشاة - ويقال: اشتراه رجل من بني سعد


(١) ورد هذا البيت هكذا ب «الأصول». والوشيج: شجر الرماح، أو هو من القنا أصلبه. والمقوّم هنا: الذي أزيل عوجه.

(٢) لعله: «في بيوتنا».

(٣) علكه: لاكه وحركه في فيه. والشكيمة من اللجام: الحديدة المعترضة في الفم والمعجم: المعضوض.

(٤) ورد هذا البيت في «الأصول» هكذا:

ولو كنت حواما وردت طويلعا ... ولا حومة إلا خميسا عرمرما

وصوبنا ما فيه من تحريف عن «معجم البلدان» لياقوت في كلامه على طويلع و «لسان العرب» (في مادة حوف) ورواية البيت في «معجم البلدان»

فلو كنت حربا ما بلغت طويلعا ... ولا جوفه ...

إلخ وفي «لسان العرب»: ... ما طلعت طويلعا. ولا حوفه ...». وحوف الوادي: حرفه وناحيته. ثم قال: «ويروى جوفه، وجوّه».

والحرب: العدوّ المحارب. وطويلع: ماء أو واد. والخميس: الجيش. والعرمرم: الكثير.

(٥) المزنم من الشاء: ما له هنة معلقة في حلقه تحت لحيته، وخص بعضهم به العنز. والمزنم أيضا: الذي تقطع أذنه وتترك زنمة.

(٦) رواية «اللسان» (وقد ذكر هذا البيت والذي قبله في مادة زنم):

فإن له عندي يديا وأنعما ويديّ (على وزن فعول وفعيل مثل كلب وكليب): جمع يد بمعنى النعمة.