كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

يوم شعب جبله

صفحة 97 - الجزء 11

  شعر لبعض بني عامر في الوقعة:

  فانحطَّ الناس منهزمين من⁣(⁣١) الجبل حتى السّهل. فلمّا بلغ الناس السّهل لم يكن لأحد منهم همّة إلا أن يذهب على وجهه، فجعلت بنو عامر يقتلونهم ويصرعونهم بالسيوف في آثارهم، فانهزموا شرّ الهزيمة. فجعل رجل من بني عامر يومئذ يرتجز ويقول:

  /

  لم أر يوما مثل يوم جبله ... يوم أتتنا أسد وحنظله

  وغطفان والملوك أزفله⁣(⁣٢) ... نضربهم بقضب منتخله⁣(⁣٣)

  لم تعد أن أفرش عنها الصّقله⁣(⁣٤) ... حتى حدوناهم حداء الزّومله⁣(⁣٥)

  وجعل معقل بن عامر⁣(⁣٦) يرتجز ويقول:

  نحن حماة الشّعب⁣(⁣٧) يوم جبله ... بكلّ عضب صارم ومعبله

  وهيكل نهد معا⁣(⁣٨) وهيكله

  المعبلة: السهم إذا كان نصله عريضا فهو معبلة، والرقيق: القطبة.

  قتال بني تميم ضد بني عامر:

  وخرجت بنو تميم من الخليف على الخيل فكركروا الناس (يعني ردّوهم) وانقطع شريح بن الأحوص في فرسان حتى أخذ الجرف فقاتل الناس قتالا شديدا هناك، وجعل لقيط يومئذ⁣(⁣٩) وهو على برذون له مجفّف⁣(⁣١٠) بديباج أعطاه إيّاه كسرى - وكان أوّل عربيّ جفّف - يقول:

  عرفتكم والدمع العين يكف⁣(⁣١١) ... لفارس أتلفتموه ما خلف

  إنّ النّشيل والشّواء والرّغف ... والقينة الحسناء والكأس الأنف⁣(⁣١٢)

  / وصفوة القدر وتعجيل اللَّقف⁣(⁣١٣) ... للطاعنين الخيل والخيل قطف⁣(⁣١٤)


(١) في «الأصول»: «في الجبل». والتصويب من «النقائض».

(٢) الأزفلة: الجماعة. وفي «الأصول»: «أرفلة» بالراء. والتصويب من «النقائض».

(٣) منتخلة: مختارة.

(٤) أفرش عنه: أقلع. والصقلة: جمع صاقل، من صقل السيف إذا جلاه. يريد أنها حديثة الجلاء.

(٥) الزوملة: الإبل. وفي «الأصول»: «حتى حذوناهم حذاء الرفله». والتصويب من «النقائض».

(٦) في «الأصول»: «معقل بني عامر». والتصويب من «النقائض».

(٧) كذا في «النقائض». وفي «الأصول»: «نحن سماة الخيل».

(٨) هيكل هنا: ضخم. والنهد من الخيل: كثير اللحم حسن الجسم مع ارتفاع.

(٩) في «الأصول الخطية»: «وجعل لقيط يومئذ وهو الحارث على برذون له ...» بزيادة «الحارث». وفي «النقائض»: «وجعل لقيط وهو يومئذ على الجرف على برذون ...».

(١٠) مجفف: عليه تجفاف (بفتح التاء وكسرها) وهو شيء يتخذ من حديد أو غيره يجعل على ظهر الفرس ليقيه الأذى، وقد يلبسه الإنسان أيضا.

(١١) كذا في «النقائض». ويكف: يسيل. وفي «الأصول»: «بالعين بكف».

(١٢) النشيل هنا: اللحم المطبوخ، أو الذي ينشل من القدر قبل النضج، واللبن ساعة يحلب. والشواء (بالكسر ويضم): ما شوي من اللحم وغيره أي عرض لحرارة النار فنضج وصلح للأكل. والكأس الأنف: التي لم يشرب بها قبل ذلك.

(١٣) اللقف: يريد به ما يلقف ويتناول من الطعام. وفي بعض الأصول: «وتعجيل اللفف» بفاءين.

(١٤) كذا في «النقائض». وقطف: جمع قطوف وهو المتقارب الخطو أو البطيء من الدواب. وفي «الأصول الخطية»: «جنف» وفي